إلى أن قال: والحقّ أحقّ أن يتّبع , ولو جاءوني لحكمت عليهم بالرّجم , ولَم أعتبر الإسلام في الإحصان.
وقال ابن عبد البرّ: حدّ الزّاني حقّ من حقوق الله. وعلى الحاكم إقامته، وقد كان لليهود حاكم , وهو الذي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما. وقول بعضهم: إنّ الزّانيين حكّماه دعوى مردودةٌ، واعترض بأنّ التّحكيم لا يكون إلَّا لغير الحاكم، وأمّا النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فحكمه بطريق الولاية لا بطريق التّحكيم.
وأجاب الحنفيّة عن رجم اليهوديّين: بأنّه وقع بحكم التّوراة.
وردّه الخطّابيّ , لأنّ الله قال {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} وإنّما جاءه القوم سائلين عن الحكم عنده , كما دلَّت عليه الرّواية المذكورة , فأشار عليهم بما كتموه من حكم التّوراة، ولا جائز أن يكون حكم الإسلام عنده مخالفاً لذلك , لأنّه لا يجوز الحكم بالمنسوخ، فدلَّ على أنّه إنّما حكم بالنّاسخ.
وأمّا قوله في حديث أبي هريرة: فإنّي أحكم بما في التّوراة. ففي سنده رجل مبهم، ومع ذلك , فلو ثبت لكان معناه لإقامة الحجّة عليهم، وهو موافق لشريعته.
قلت: ويؤيّده أنّ الرّجم جاء ناسخاً للجلد كما تقدّم تقريره، ولَم يقل أحدٌ: إنّ الرّجم شرع ثمّ نسخ بالجلد ثمّ نسخ الجلد بالرّجم، وإذا كان حكم الرّجم باقياً منذ شرع , فما حكم عليهما بالرّجم بمجرّد حكم التّوراة , بل بشرعه الذي استمرّ حكم التّوراة عليه , ولَم يقدّر