للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فعلِمْنا أنّه لا يقطع في أقل من ثمن المجنّ، ولكن اختلف في ثمن المجنّ، ثمّ ساق حديث ابن عبّاس. قال: كان قيمة المجنّ الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , عشرة دراهم.

قال: فالاحتياط أن لا يقطع إلَّا فيما اجتمعت فيه هذه الآثار وهو عشرة، ولا يقطع فيما دونها , لوجود الاختلاف فيه.

وتُعقّب: بأنّه لو سلم في الدّراهم , لَم يسلم في النّصّ الصّريح في ربع دينار. كما سيأتي إيضاحه، ودفع ما أعلَّه به.

والجمع بين ما اختلفت الرّوايات في ثمن المجنّ ممكن , بالحمل على اختلاف الثّمن والقيمة , أو على تعدّد المجانّ التي قطع فيها , وهو أولى.

وقال ابن دقيق العيد: الاستدلال بقوله " قطع في مجنّ " على اعتبار النّصاب ضعيف , لأنّه حكاية فعل , ولا يلزم من القطع في هذا المقدار عدم القطع فيما دونه , بخلاف قوله " يقطع في ربع دينار فصاعداً " (١) , فإنّه بمنطوقه يدلّ على أنّه يقطع فيما إذا بلغه , وكذا فيما زاد عليه، وبمفهومه على أنّه لا قطع فيما دون ذلك.

قال: واعتماد الشّافعيّ على حديث عائشة , وهو قول أقوى في الاستدلال من الفعل المجرّد، وهو قويّ في الدّلالة على الحنفيّة , لأنّه صريح في القطع في دون القدر الذي يقولون بجواز القطع فيه، ويدلّ على القطع فيما يقولون به بطريق الفحوى، وأمّا دلالته على عدم


(١) يعني حديث عائشة الآتي في العمدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>