للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القطع في دون ربع دينار , فليس هو من حيث منطوقه , بل من حيث مفهومه , فلا يكون حجّة على من لا يقول بالمفهوم.

قلت: وقرّر الباجيّ طريق الأخذ بالمفهوم هنا فقال: دلَّ التّقويم على أنّ القطع يتعلق بقدرٍ معلوم , وإلَّا فلا يكون لذكره فائدة، وحينئذٍ فالمعتمد ما ورد به النّصّ صريحاً مرفوعاً في اعتبار ربع دينار.

وقد خالف من المالكيّة في ذلك من القدماء , ابن عبد الحكم , وممّن بعدهم ابن العربيّ , فقال: ذهب سفيان الثّوريّ مع جلالته في الحديث , إلى أنّ القطع لا يكون إلَّا في عشرة دراهم.

وحجّته أنّ اليد محترمة بالإجماع , فلا تستباح إلَّا بما أجمع عليه , والعشرة متّفق على القطع فيها عند الجميع , فيتمسّك به ما لَم يقع الاتّفاق على ما دون ذلك.

وتعقّب: بأنّ الآية دلَّت على القطع في كلّ قليل وكثير، وإذا اختلفت الرّوايات في النّصاب , أخذ بأصحّ ما ورد في الأقلّ، ولَم يصحّ أقلّ من ربع دينار أو ثلاثة دراهم، فكان اعتبار ربع دينار أقوى من وجهين:

أحدهما: أنّه صريح في الحصر , حيث ورد بلفظ " لا تقطع اليد إلَّا في ربع دينار فصاعداً " وسائر الأخبار الصّحيحة الواردة حكاية فعل , لا عموم فيها.

الثّاني: أنّ المعوّل عليه في القيمة الذّهب , لأنّه الأصل في جواهر الأرض كلّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>