للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن التّين: هو خطاب للمقضى له، ومعناه: أنّه أعلم من نفسه، هل هو محقٌّ أو مبطل؟ فإن كان محقّاً فليأخذ، وإن كان مبطلاً فليترك، فإنّ الحكم لا ينقل الأصل عمّا كان عليه.

تنْبيهٌ: زاد عبد الله بن رافع في آخر الحديث: فبكى الرّجلان، وقال كلّ منهما: حقّي لك , فقال لهما النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أمّا إذا فعلتما , فاقتسما وتوخّيا الحقّ، ثمّ استهما، ثمّ تحاللا. (١)

وفي هذا الحديث من الفوائد.

إثم من خاصم في باطل حتّى استحقّ به في الظّاهر شيئاً هو في الباطل حرام عليه.

وفيه أنّ من ادّعى مالاً - ولَم يكن له بيّنة - فحلف المدّعى عليه وحكم الحاكم ببراءة الحالف، أنّه لا يبرّأ في الباطن، وأنّ المدّعي لو أقام بيّنة بعد ذلك تنافي دعواه سمعت وبطل الحكم.

وفيه أنّ من احتال لأمرٍ باطل بوجهٍ من وجوه الحيل حتّى يصير حقّاً في الظّاهر ويحكم له به , أنّه لا يحلّ له تناوله في الباطن , ولا يرتفع عنه الإثم بالحكم.

وفيه أنّ المجتهد قد يخطئ فيردّ به على من زعم أنّ كلّ مجتهد


(١) تقدَّم تخريجه قريباً عند أبي داود وغيره. ولفظه عند أبي داود (ثم تحالَّا) , ولفظ أحمد وغيره (ثم ليحلِّل). ولم أره باللفظ الذي ذكره الشارح.
قال في عون المعبود (٩/ ٣٦٤): (ثم تحالَّا) بتشديد اللام. أي: ليجعل كل واحد منكما صاحبَه في حلٍّ من قِبَله بإبراء ذمته , ولفظ المشكاة (ثم ليحلل) كل واحد منكما صاحبه. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>