للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصيب , وفيه أنّ المجتهد إذا أخطأ لا يلحقه إثم بل يؤجر.

وفيه أنّه - صلى الله عليه وسلم - كان يقضي بالاجتهاد فيما لَم ينزل عليه فيه شيء , وخالف في ذلك قوم , وهذا الحديث من أصرح ما يحتجّ به عليهم.

وفيه أنّه ربّما أدّاه اجتهاده إلى أمرٍ فيحكم به , ويكون في الباطن بخلاف ذلك , لكنّ مثل ذلك لو وقع لَم يقرّ عليه - صلى الله عليه وسلم - لثبوت عصمته.

واحتجّ من منع مطلقاً.

أولاً. بأنّه لو جاز وقوع الخطأ في حكمه للزم أمر المكلفين بالخطأ لثبوت الأمر باتّباعه في جميع أحكامه، حتّى قال تعالى {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم} الآية:

ثانياً. أنّ الإجماع معصوم من الخطأ، فالرّسول أولى بذلك لعلوّ رتبته.

والجواب عن الأوّل: أنّ الأمر إذا استلزم إيقاع الخطأ لا محذور فيه، لأنّه موجود في حقّ المقلدين , فإنّهم مأمورون باتّباع المفتي والحاكم , ولو جاز عليه الخطأ.

والجواب عن الثّاني: أنّ الملازمة مردودةٌ , فإنّ الإجماع إذا فرض وجوده دلَّ على أنّ مستندهم ما جاء عن الرّسول، فرجع الاتّباع إلى الرّسول لا إلى نفس الإجماع.

والحديث حجّة لمن أثبت أنّه قد يحكم بالشّيء في الظّاهر، ويكون الأمر في الباطن بخلافه , ولا مانع من ذلك إذ لا يلزم منه محال عقلاً ولا نقلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>