يشبه الذي رُميت به: لولا الأيمان لكان لي ولها شأنٌ.
فأشار البخاريّ إلى أنّه - صلى الله عليه وسلم - حكم في ابن وليدة زمعة بالظّاهر، ولو كان في نفس الأمر ليس من زمعة , ولا يسمّى ذلك خطأ في الاجتهاد، ولا هو من موارد الاختلاف في ذلك.
وسبقه إلى ذلك الشّافعيّ , فإنّه لَمَّا تكلم على حديث الباب قال:
وفيه أنّ الحكم بين النّاس يقع على ما يسمع من الخصمين بما لفظوا به , وإن كان يمكن أن يكون في قلوبهم غير ذلك، وأنّه لا يقضى على أحدٍ بغير ما لَفَظَ به , فمن فعل ذلك فقد خالف كتاب الله وسنّة نبيّه , قال: ومثل هذا قضاؤه لعبد بن زمعة بابن الوليدة، فلمّا رأى الشّبه بيّناً بعتبة , قال: احتجبي منه يا سودة. (١)
ولعل السّرّ في قوله {إنّما أنا بشر} امتثال قول الله تعالى {قل إنّما أنا بشر مثلكم} أي: في إجراء الأحكام على الظّاهر الذي يستوي فيه جميع المكلفين، فأُمر أن يحكم بمثل ما أمروا أن يحكموا به، ليتمّ الاقتداء به , وتطيب نفوس العباد للانقياد إلى الأحكام الظّاهرة من غير نظر إلى الباطن.
والحاصل أنّ هنا مقامين.
أحدهما: طريق الحكم , وهو الذي كلف المجتهد بالتّبصّر فيه، وبه يتعلق الخطأ والصّواب. وفيه البحث.
والآخر: ما يبطنه الخصم. ولا يطّلع عليه إلَّا الله ومن شاء من
(١) قضاؤه - صلى الله عليه وسلم - في عبد بن زمعة تقدَّم في كتاب اللعان برقم (٣٣٠)