وقال القرطبيّ: ما أظنّه يصحّ عن ابن عبّاس , أنّ كلّ ما نهى الله عزّ وجل عنه كبيرة , لأنّه مخالف لظاهر القرآن في الفرق بين الصّغائر والكبائر في قوله:{الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلَّا اللمم} وقوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيّئاتكم} , فجعل في المنهيّات صغائر وكبائر، وفرّق بينهما في الحكم إذ جعل تكفير السّيّئات في الآية مشروطاً باجتناب الكبائر، واستثنى اللمم من الكبائر والفواحش، فكيف يخفى ذلك على حبر القرآن؟
قلت: ويؤيّده ما أخرجه الشيخان عن ابن عبّاس في تفسير اللمم قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق .. الحديث " , لكنّ النّقل المذكور عنه. أخرجه إسماعيل القاضي والطّبريّ بسندٍ صحيح على شرط الشّيخين إلى ابن عبّاس.
فالأولى أن يكون المراد بقوله: نهى الله عنه " محمولاً على نهي خاصّ , وهو الذي قرن به وعيد كما قيّد في الرّواية الأخرى عن ابن عبّاس , فيحمل مطلقه على مقيّده جمعاً بين كلاميه.