وأشار البخاري إلى أنّ قوله تعالى {والذين لا يشهدون الزّور .. الآية} , سيقت في ذمّ متعاطي شهادة الزّور , وهو اختيارٌ منه لأحد ما قيل في تفسيرها.
وقيل: المراد بالزّور هنا الشّرك , وقيل: الغناء , وقيل: غير ذلك.
قال الطّبريّ: أصل الزّور تحسين الشّيء ووصفه بخلاف صفته , حتّى يخيّل لمن سمعه أنّه بخلاف ما هو به قال: وأولى الأقوال عندنا , أنّ المراد به مدح من لا يشهد شيئاً من الباطل. والله أعلم.
والشهادة مصدر شهد يشهد. قال الجوهريّ: الشّهادة خبر قاطع، والمشاهدة المعاينة مأخوذة من الشّهود أي الحضور؛ لأنّ الشّاهد مشاهدٌ لِما غاب عن غيره , وقيل: مأخوذة من الإعلام.
قوله:(فما زال يكرّرها، حتى قلنا: ليته سكت) أي: تمنّيناه يسكت إشفاقاً عليه لِما رأوا من انزعاجه في ذلك , وفي رواية خالد الواسطي عن الجريري عند البخاري " فما زال يقولها حتّى قلت: لا يسكت ".
وفيه ما كانوا عليه من كثرة الأدب معه - صلى الله عليه وسلم - , والمحبّة له والشّفقة عليه.
وقال ابن دقيق العيد: اهتمامه - صلى الله عليه وسلم - بشهادة الزّور , يحتمل: أن يكون لأنّها أسهل وقوعاً على النّاس، والتّهاون بها أكثر، ومفسدتها أيسر وقوعاً؛ لأنّ الشّرك ينبو عنه المسلم، والعقوق ينبو عنه الطّبع، وأمّا قول الزّور فإنّ الحوامل عليه كثيرة فحسن الاهتمام بها، وليس