قال: وأمّا عطف الشّهادة على القول , فينبغي أن يكون تأكيداً للشّهادة , لأنّا لو حملناه على الإطلاق لزم أن تكون الكذبة الواحدة مطلقاً كبيرة وليس كذلك، وإذا كان بعض الكذب منصوصاً على عظمه كقوله تعالى:{ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثمّ يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً}. وفي الجملة فمراتب الكذب متفاوتة بحسب تفاوت مفاسده.
قال: وقد نصّ الحديث الصّحيح على أنّ الغيبة والنّميمة كبيرة، والغيبة تختلف بحسب القول المغتاب به، فالغيبة بالقذف كبيرة ولا تساويها الغيبة بقبح الخلقة أو الهيئة مثلاً. والله أعلم.
وقال غيره: يجوز أن يكون من عطف الخاصّ على العامّ؛ لأنّ كلّ شهادة زور قول زور بغير عكس، ويحتمل: قول الزّور على نوع خاصّ منه.
قلت: والأولى ما قاله الشّيخ.
ويؤيّده وقوع الشّكّ في ذلك في حديث أنس (١) وفيه " قول الزّور أو قال: شهادة الزّور " قال شعبة: وأكبر ظنّي أنّه شهادة الزّور , فدلَّ على أنّ المراد شيء واحد.
(١) أخرجه البخاري (٥٩٧٧) ومسلم (٨٨) من طريق شعبة عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ذَكَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر، أو سئل عن الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور، أو قال: شهادة الزور " قال شعبة: .... "