للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد وقع عند الدّارقطنيّ في حديث أسماء " كانت لنا فرس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فأرادت أن تموت فذبحناها فأكلناها ".

وأجاب عن حديث أسماء: بأنّها واقعة عين. فلعلَّ تلك الفرس كانت كبرت بحيث صارت لا ينتفع بها في الجهاد , فيكون النّهي عن الخيل لمعنىً خارجٍ لا لذاتها، وهو جمع جيّد.

وزعم بعضهم: أنّ حديث جابر في الباب دالٌّ على التّحريم لقوله " رخّص " لأنّ الرّخصة استباحة المخطور مع قيام المانع، فدلَّ على أنّه رخّص لهم فيها بسبب المخمصة التي أصابتهم بخيبر، فلا يدلّ ذلك على الحلّ المطلق.

وأجيب: بأنّ أكثر الرّوايات جاء بلفظ الإذن , وبعضها بالأمر , فدلَّ على أنّ المراد بقوله " رخّص " أذِنَ. لا خصوص الرّخصة باصطلاح من تأخّر عن عهد الصّحابة.

ونوقض أيضاً: بأنّ الإذن في أكل الخيل لو كان رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الأهليّة أولى بذلك لكثرتها وعزّة الخيل حينئذٍ.

ولأنّ الخيل يُنتفع بها فيما يُنتفع بالحمير من الحمل وغيره، والحمير لا ينتفع بها فيما ينتفع بالخيل من القتال عليها.

والواقع كما سيأتي صريحاً في الحديث الذي يليه (١) , أنّه - صلى الله عليه وسلم - أمر بإراقة القدور التي طبخت فيها الْحُمُر مع ما كان بهم من الحاجة , فدلَّ ذلك على أنّ الإذن في أكل الخيل إنّما كان للإباحة العامّة لا


(١) انظر حديث ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>