واحتجّ من أبطل الاستسعاء بحديث عمران بن حصينٍ عند مسلم , أنّ رجلاً أعتق ستّة مملوكين له عند موته لَم يكن له مال غيرهم، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , فجزّأهم أثلاثاً , ثمّ أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرقّ أربعة.
ووجه الدّلالة منه: أنّ الاستسعاء لو كان مشروعاً لنجّز من كلّ واحد منهم عتق ثلثه , وأَمَرَه بالاستسعاء في بقيّة قيمته لورثة الميّت.
وأجاب من أثبت الاستسعاء: بأنّها واقعة عينٍ.
فيحتمل: أن يكون قبل مشروعيّة الاستسعاء.
ويحتمل: أن يكون الاستسعاء مشروعاً إلَّا في هذه الصّورة , وهي ما إذا أعتق جميع ما ليس له أن يعتقه.
وقد أخرج عبد الرّزّاق بإسنادٍ رجاله ثقات عن أبي قلابة عن رجل من بني عذرة , أنّ رجلاً منهم أعتق مملوكاً له عند موته وليس له مال غيره , فأعتق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلثه , وأمره أن يسعى في الثّلثين.
وهذا يعارض حديث عمران، وطريق الجمع بينهما ممكن.
واحتجّوا أيضاً: بما رواه النّسائيّ من طريق سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر بلفظ " من أعتق عبداً وله فيه شركاء وله وفاء فهو حرّ , ويضمن نصيب شركائه بقيمته لِمَا أساء من مشاركتهم , وليس على العبد شيء ".
والجواب مع تسليم صحّته: أنّه مختصّ بصورة اليسار لقوله فيه " وله وفاء "، والاستسعاء إنّما هو في صورة الإعسار كما تقدّم فلا