للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه نظرٌ لِمَا أسلفناه، ولاحتمال أنّ التّحريق من باب ما لا يتمّ الواجب إلاَّ به، إذ الظّاهر أنّ الباعث على ذلك أنّهم كانوا يختفون في بيوتهم فلا يتوصّل إلى عقوبتهم إلاَّ بتحريقها عليهم.

وفيه جواز أخذ أهل الجرائم على غرّةٍ , لأنّه - صلى الله عليه وسلم - همّ بذلك في الوقت الذي عهد منه فيه الاشتغال بالصّلاة بالجماعة، فأراد أن يبغتهم في الوقت الذي يتحقّقون أنّه لا يطرقهم فيه أحدٌ. وفي السّياق إشعار بأنّه تقدّم منه زجرهم عن التّخلّف بالقول حتّى استحقّوا التّهديد بالفعل.

وترجم عليه البخاريّ في كتاب الأشخاص وفي كتاب الأحكام (باب إخراج أهل المعاصي والرّيب من البيوت بعد المعرفة) يريد أنّ من طلب منهم بحقّ فاختفى أو امتنع في بيته لدداً ومطلاً أُخرج منه بكل طريق يتوصّل إليه بها، كما أراد - صلى الله عليه وسلم - إخراج المتخلفين عن الصّلاة بإلقاء النّار عليهم في بيوتهم.

واستدل به ابن العربيّ وغيره: على مشروعيّة قتل تارك الصّلاة متهاوناً بها.

ونوزع في ذلك. ورواية أبي داود التي فيها أنّهم كانوا يصلّون في بيوتهم كما قدّمناه. تعكّر عليه.

نعم. يمكن الاستدلال منه بوجهٍ آخر , وهو أنّهم إذا استحقّوا التّحريق بترك صفةٍ من صفات الصّلاة خارجةٍ عنها. سواء قلنا واجبة أو مندوبة كان من تركها أصلاً رأساً أحقّ بذلك، لكن لا يلزم

<<  <  ج: ص:  >  >>