وفيه إشارةٌ إلى أنّ التّكبير الذي ذكره كان قد ترك، وقد روى أحمد والطّحاويّ بإسنادٍ صحيحٍ عن أبي موسى الأشعريّ قال: ذكَّرَنا عليٌّ صلاةً كنّا نُصلِّيها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. إمّا نسيناها , وإمّا تركناها عمداً.
ولأحمد من وجهٍ آخر عن مطرّفٍ قال: قلنا - يعني لعمران بن حصينٍ - يا أبا نجيدٍ - هو بالنّون والجيم مصغّرٌ - مَن أوّل مَن ترك التّكبير؟ قال: عثمان بن عفّان حين كبُر وضعف صوته.
وهذا يحتمل إرادة ترك الجهر.
وروى الطّبرانيّ عن أبي هريرة , أنّ أوّل من ترك التّكبير معاوية.
وروى أبو عبيدٍ , أنّ أوّل من تركه زيادٌ. وهذا لا ينافي الذي قبله , لأنّ زياداً تركه بترك معاوية، وكأنّ معاوية تركه بترك عثمان.
وقد حمل ذلك جماعةٌ من أهل العلم على الإخفاء.
ويرشّحه ما رواه البخاري عن سعيد بن الحارث قال: صلَّى لنا أبو سعيد فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود، وحين سجد وحين رفع وحين قام من الركعتين , وقال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -.
لكن حكى الطّحاويّ: أنّ قوماً كانوا يتركون التّكبير في الخفض دون الرّفع. قال: وكذلك كانت بنو أُميَّة تفعل، وروى ابن المنذر نحوه عن ابن عمر وعن بعض السّلف , أنّه كان لا يكبّر سوى تكبيرة الإحرام.