للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج البخاري عن أبي وائل، قال: جاء رجلٌ إلى ابن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذَّاً كهذّ الشعر، لقد عرفت النظائر (١) التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين في كل ركعة ". ففيه الجمع بين السّور , لأنّه إذا جمع بين السّورتين ساغ الجمع بين ثلاثٍ فصاعداً لعدم الفرق.

وقد روى أبو داود وصحَّحه ابن خزيمة من طريق عبد الله بن شقيقٍ , قال: سألت عائشة , أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين السّور؟ قالت: نعم من المفصّل.

ولا يخالف هذا ما جاء أنّه جمع بين البقرة وغيرها من الطّوال (٢) , لأنّه يحمل على النّادر.

وقال عياض: في حديث ابن مسعودٍ هذا. يدلّ على أنّ هذا القدر كان قدر قراءته غالباً , وأمّا تطويله فإنّما كان في التّدبّر والتّرتيل , وما ورد غير ذلك من قراءة البقرة وغيرها في ركعةٍ فكان نادراً.

قلت: لكن ليس في حديث ابن مسعودٍ ما يدلّ على المواظبة , بل


(١) قال الشارح رحمه الله: أي السور المماثلة في المعاني كالموعظة أو الحِكم أو القصص، لا المتماثلة في عدد الآي، لما سيظهر عند تعيينها. قال المحب الطبري: كنت أظنُّ أنَّ المراد أنها متساوية في العد، حتى اعتبرتها فلم أجد فيها شيئاً متساوياً.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (٧٧٢) عن حذيفة، قال: صلّيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يُصلِّي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مُترسِّلاً، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع .... الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>