للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: محبّتهم له استقامتهم على طاعته، والتّحقيق أنّ الاستقامة ثمرة المحبّة وحقيقة المحبّة له ميلهم إليه لاستحقاقه سبحانه المحبّة من جميع وجوهها. انتهى.

وفيه نظر. لِمَا فيه من الإطلاق في موضع التّقييد.

وقال ابن التّين: معنى محبّة المخلوقين لله إرادتهم أن ينفعهم.

وقال القرطبيّ في المفهم: محبّة الله لعبده تقريبه له وإكرامه وليست بميلٍ ولا غرض كما هي من العبد، وليست محبّة العبد لربّه نفس الإرادة , بل هي شيء زائد عليها، فإنّ المرء يجد من نفسه أنّه يحبّ ما لا يقدر على اكتسابه ولا على تحصيله، والإرادة هي التي تخصّص الفعل ببعض وجوهه الجائزة , ويحسّ من نفسه أنّه يحبّ الموصوفين بالصّفات الجميلة والأفعال الحسنة كالعلماء والفضلاء والكرماء وإن لَم يتعلق له بهم إرادة مخصّصة.

وإذا صحّ الفرق فالله سبحانه وتعالى محبوب لمحبّيه على حقيقة المحبّة كما هو معروف عند من رزقه الله شيئاً من ذلك، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من محبّيه المخلصين.

وقال البيهقيّ: المحبّة والبغض عند بعض أصحابنا من صفات الفعل، فمعنى محبّته إكرام من أحبّه ومعنى بغضه إهانته، وأمّا ما كان من المدح والذّمّ فهو من قوله، وقوله من كلامه، وكلامه من صفات ذاته فيرجع إلى الإرادة، فمحبّته الخصال المحمودة، وفاعلها يرجع إلى إرادته إكرامه، وبغضه الخصال المذمومة، وفاعلها يرجع إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>