قال السّبكيّ في " شرح المنهاج " بعد أن ذكر هذه الرّواية من عند أبي عوانة وحده: إن صحّ هذا عن الصّحابة دلَّ على أنّ الخطاب في السّلام بعد النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - غير واجب , فيقال: السّلام على النّبيّ.
قلت: قد صحّ بلا ريب , وقد وجدت له متابعاً قويّاً. قال عبد الرّزّاق: أخبرنا ابن جريجٍ أخبرني عطاء , أنّ الصّحابة كانوا يقولون والنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - حيّ: السّلام عليك أيّها النّبيّ، فلمّا مات قالوا: السّلام على النّبيّ. وهذا إسناد صحيح.
وأمّا ما روى سعيد بن منصور من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - علَّمهم التّشهّد. فذكره. قال: فقال ابن عبّاسٍ: إنّما كنّا نقول السّلام عليك أيّها النّبيّ إذ كان حيّاً، فقال ابن مسعود: هكذا علّمنا وهكذا نُعلِّم. فظاهر أنّ ابن عبّاسٍ قاله بحثاً , وأنّ ابن مسعود لَم يرجع إليه، لكنّ رواية أبي معمر أصحّ , لأنّ أبا عبيدة لَم يسمع من أبيه , والإسناد إليه مع ذلك ضعيف.
فإن قيل , لِمَ عدل عن الوصف بالرّسالة إلى الوصف بالنّبوّة مع أنّ الوصف بالرّسالة أعمّ في حقّ البشر؟.
أجاب بعضهم: بأنّ الحكمة في ذلك أن يجمع له الوصفين لكونه وصفه بالرّسالة في آخر التّشهّد , وإن كان الرّسول البشريّ يستلزم النّبوّة، لكنّ التّصريح بهما أبلغ.
قيل: والحكمة في تقديم الوصف بالنّبوّة , أنّها كذا وجدت في