للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خشية أن يكون لَم يعجبه السّؤال المذكور لِمَا تقرّر عندهم من النّهي عن ذلك، لقوله تعالى (لا تسألوا عن أشياء)، ووقع عند الطّبريّ من وجه آخر في هذا الحديث، فسكتَ حتّى جاءه الوحي فقال: تقولون.

واختلف في المراد بقولهم " كيف ".

فقيل: المراد السّؤال عن معنى الصّلاة المأمور بها بأيّ لفظ يؤدّى.

وقيل: عن صفتها، قال عياض: لَمّا كان لفظ الصّلاة المأمور بها في قوله تعالى (صلّوا عليه) يحتمل الرّحمة والدّعاء والتّعظيم , سألوا بأيّ لفظ تؤدّى؟ هكذا قال بعض المشايخ.

ورجّح الباجيّ أنّ السّؤال إنّما وقع عن صفتها لا عن جنسها، وهو أظهر لأنّ لفظ " كيف " ظاهر في الصّفة، وأمّا الجنس فيسأل عنه بلفظ " ما ".

وبه جزم القرطبيّ فقال: هذا سؤال من أشكلت عليه كيفيّة ما فهم أصله، وذلك أنّهم عرفوا المراد بالصّلاة فسألوا عن الصّفة التي تليق بها ليستعملوها. انتهى

والحامل لهم على ذلك , أنّ السّلام لَمّا تقدّم بلفظٍ مخصوص وهو " السّلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته " , فهموا منه أنّ الصّلاة أيضاً تقع بلفظٍ مخصوص، وعدلوا عن القياس لإمكان الوقوف على النّصّ , ولا سيّما في ألفاظ الأذكار فإنّها تجيء خارجة عن القياس غالباً، فوقع الأمر كما فهموا , فإنّه لَم يقل لهم قولوا: الصّلاة عليك أيّها النّبيّ ورحمة الله وبركاته , ولا قولوا: الصّلاة والسّلام عليك

<<  <  ج: ص:  >  >>