للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وَقَوْلُهُ: "فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ": أي: حَرَّكُها للسَّيْرِ. والرَّوَاحِل: الإبل الَّتي يُسَافَرُ عَلَيْهَا، وَاحِدَتُهَا رَاحِلَةٌ، سُمِّيَتْ رَاحِلَة؛ لأنَّها تَرْحَلُ بِصَاحِبِهَا مِنْ مَوْضِع إِلَى مَوْضِع.

- وَقَوْلُهُ [تَعَالى] (١): {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)}: تأَوَّلَهُ كَثيْرٌ مِنَ المُفَسِّرِيْنَ عَلَى أَنّه أَرَادَ: أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلاةَ إِذَا ذَكَرَهَا. وَقَال غَيْرُ هَؤلاءِ: مَعْنَاهُ: أَقِمِ الصَّلاةِ لِتَذْكُرَني فِيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ (٢)، وَهَذَا القَوْلُ أَلْيَقُ


= قَال اللهُ تَعَالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} [الأنبياء: الآية: ٤٢]، أي: يَحْفَظُكُم، ومِنْهُ قَولُ ابنُ هرْمة [شعره: ٥٥]:
إِنَّ سُلَيْمَى واللهُ يَكْلَؤُهَا ... ظَنَّتْ بِشَيْءٍ مَا كَانَ يَرْزَؤُهَا"
(١) سورة طه، الآية: ١٤. والتّأويلُ الأوَّلُ يؤيده حديثُ أَنَس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَن النبِي - صلى الله عليه وسلم - أنه قَال: "مَنْ نَسِيَ صلاة فَلْيصَلِّها إذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَة لَهَا غَيْر ذلِكَ" وقَرَأ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} هكذا في "زاد المَسِير" (٥/ ٢٧٥)، والحديث أَخْرَجُهُ البُخَارِي ومُسْلم وأَبُو دَاود ...
والتأويْلُ الثَّانِي -وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ- في "زَاد المَسِير" أيضًا، وفي تَفْسِير مجَاهِد: "إذَا صَلَّى عبد، ذكر ربه" وعن مجاهد في "تفسير الطبري": "إذا عبد ذكر ربّه". وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ في "المَعَانِي" (٣/ ٣٥٢) القَوْلَيْنِ، وَمَال إلى القَوْلِ الأوَّلِ، وقال: ، وهو الَّذي عليه النَّاسُ، ومَعْنَاهُ: أقِم الصَّلاةَ مَتَى ذَكَرْتَ أنَّ عَلَيْكَ صَلاة، كُنْتَ في وَقْتِهَا أَوْ لَمْ يكُنْ؛ لأن اللهَ عَز وَجَل لَا يُؤاخِذُنَا إِنْ نَسِيْنَا مَا لَمْ نَتَعَمَّد الأشْيَاءَ التي تُشْغِلُ وتُلْهِي عن الصَّلاة ... ".
(٢) مُجَاهِدُ بنُ جَبْرٍ، أَبُو الحَجَّاجِ المَكِّي، مَوْلَى بني مَخْزُوْمٍ، تَابِعِيٌّ من أَهْلِ الكُوْفَةِ. قَال الحَافِظُ الذهَبِيُّ: شَيْخُ القُرَّاءِ والمُفَسِّرِيْنَ (ت ١٠٤ هـ) وهو ساجدٌ رحمه الله. يُراجع: طبقات ابن سعد (٥/ ٤٦٦)، وتاريخ البخاري (٧/ ٤١١)، وتهذيب الكمال (٢٧/ ٢٢٨)، وسير أعلام النُّبلاء (٤/ ٤٤٩)، والشَّذرات (١/ ١٢٥).