وَقَدْ رَوَاهُ في المَوْضِعِ الأوَّلِ:"للدَّمْعِ" وفي المَوْضِعِ الثَّاني: "للماء".
سَادِسًا:(مصادِرُه):
لم يَكُنْ أَبُو الوَليْدِ الوَقَّشِيُّ مُكْثِرًا من استعمال المصادر في كتابه، وجُلَّ أَفْكَارِهِ وآرائِهِ، تَعُوْدُ -في نَظَرِي- إلى سَلامَةِ الحِسِّ اللُّغوي عنده، وثقافته اللُّغويَّة الجَيِّدةِ، مع كثرةِ محفوظِهِ من كلامِ العربِ وأشعارِها وَأَخْبَارِها ولغاتها المختلفة، فكأنَّه هَضَمَ المَصَادِرَ السَّابقةَ وحصَّلَ ما فيها من العلم واختَزَنَهُ في ذَاكرته، فلما كَتَبَ هذه التَّعليقات بدأ يجودُ بما فيها من علمٍ جَمّ، لكنَّه يرجع بينَ الفينةِ والأُخرَى إلى مَصَادِرِهِ، فينقل ويُحَقِّقُ، ويُصَحِّحُ ويُوثِّقُ، ولعَلَّ أَهمَّ مَصَادره، ومدار بَحْثِهِ على كتاب "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" لأبي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلَّامٍ، فهو جُمْهور مادة بَحْثِهِ، وَمَرْجِعُ أهمِّ نُصُوصه، وَرُجُوْعِهِ إليه كثيرٌ جِدًّا، ولا يجدُ الباحثُ عَنَاءً في تَعَرُّفِ النُّصوصِ المَنْقُوْلَةِ عنه، سَوَاءً أشار المُؤَلِّفُ إلَى أَبي عُبَيْدٍ وَصَرَّحَ بالنَّقْلِ عنه أو لم يَفْعَلْ، صرَّحَ بالنَّقْلِ عن أبي عُبَيْدٍ في واحدٍ وعشرين مَوْضِعًا، ونقله عنه أكثر من ذلك بكثيرٍ، وصَرَّح بنقله عن "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ.
كَمَا رَجَعَ المُؤَلِّفُ إلى كِتَابِ "الدَّلائِلِ في غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" وهو من أهمِّ المُؤَلِّفات الَّتي أُلِّفَتْ في مادة بحثِهِ "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" لا أقول في بلادِ الأندلس بل بعَامَّةٍ، وَذَكَرَ مُؤَلِّفُهُ قاسِمُ بنُ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيُّ في مَوْضِعين ولم يكثرْ من النَّقْل عَنْهُ، رُبَّمَا اكتِفَاءً بما نَقَلَهُ عن أَبي عُبَيْدٍ فَمَوْضُوعِ الكتابين وَاحِدٌ.
وَرَجَعَ إلى كتابِ "الاستِذْكَارِ" وهو كِتَابٌ عَظِيْمٌ، غَزِيْرُ الفَائِدَةِ مِنْ تأليفِ