للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتابُ الجامِعِ] (١)

كَانَ الوَجْهُ أَنْ يَقُوْلَ: "الجَامِعُ"؛ لِكَوْنهِ جَامِعًا لِفُنُوْن مِنَ العِلْمِ فَيَكُوْنُ الجَامِعُ صِفَةً لِلْكِتَابِ، وَلَا تَجُوْزُ إِضَافَةُ المَوْصُوْفِ إِلى صِفَتِهِ، وَقَدْ جَاءَتْ مِنْ هَذَا النَّوع أَلْفَاظٌ يَسِيرةٌ تُحْفَظُ وَلَا يُقَاسُ عَلَيهَا نَحْوَ: مَسْجِدِ الجَامِعِ، وَصَلَاةِ الأُوْلَى {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} (٢) {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} (٣). وأَهْلُ الكُوْفَةَ يَقُوْلُوْنَ في هَذِهِ الأشْيَاء: إِنَّ المَوْصُوْفَ أُضِيفَ إِلَى صِفَتِهِ لَاخْتِلَاف اللَّفْظَينِ. والبَصْرِيُّوْنَ لَا يَرَوْنَ ذلِكَ، وَيَجْعَلُوْنَ هَذِهِ المَحْفُوْظَاتِ كُلَّهَا صِفَاتٍ لِمَوْصُوْفَاتٍ مَحْذُوْفَاتٍ تَقْدِيرُهَا عِنْدَهُم: مَسْجدُ اليَوْمِ الجَامِعِ، وَصَلَاةِ السَّاعَةِ الأُوْلَى مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَلَدَارِ الحَيَاةِ الآخِرَةِ، وحَبَّ النَّبْتِ الحَصِيدِ، وكِتَابُ الفَنِّ الجَامِعِ أَوْ العِلْمِ الجَامِعِ، وَمِثْلُهُ: "نِسَاءَ المُؤمِنَاتِ" عَلَى رِوَايَةِ مَنْ نَصَبَ النِّسَاءَ وأَضَافَهُنَّ إِلَى المُؤْمِنَاتِ، واسْتعْمَلَ مَالِكٌ رَحمه اللهُ في كِتَابِهِ لَفْظَ "الجَامِعِ" مَرَّةً عَلى جِهَةِ الخُصُوْصِ في قَوْلهِ: "جَامِع الوَضُوْءِ"، و"جامِع الصَّلَاةِ" و"جَامع الزَّكَاةَ" ونَحْو ذلِكَ. ومَرَّة عَلى جِهَةِ العُمُوْمِ في "كِتَابِ الجَامِعَ" ولِذلِكَ لَمْ يُضفِ الجَامعَ هُنَا إِلى شَيءٍ يُخَصِّصُهُ به كَمَا فَعَلَ هُنَاكَ (٤).


(١) المُوطَّأ رواية يحيى (٨٨٤)، ورواية أبي مصعب الزُّهري (٢/ ٥٣)، ورواية محمَّد بن الحسن (٣٠٨)، ورواية سُوَيدٍ (٤٦٤)، وتفسير غريب المُؤطَّأ لابن حبيب (٢/ ٩٣)، والاستذكار (٢٦/ ٧) والقبس لابن العَرَبيِّ (١٠٨٢)، والمُنْتَقى لأبي الوليد الباجي (٧/ ١٨٧)، وتنوير الحوالك (٣/ ٨٢)، وشرح الزُّرْقَانِيِّ (٤/ ٢١٧)، وكشف المغطى (٣٣٣).
(٢) سورة يوسف، الآية: ١٠٩.
(٣) سورة ق.
(٤) ويُسْتَعْمَلُ الإمام (الجامع) ثالثةً بعدَ أن يُوْردَ مجموعةَ أبوابٍ في موضوع واحد كقوله في كتاب=