للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مَا جَاءَ في تَحْرِيمِ المَدِينَةِ]

- وَ [قَوْلُهُ: "هَذَا جَبلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ"] [١٠]. فِي قَوْلهِ: هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (١): أَحَدُهَا: أَنْ تَكُوْن المُحَبَّةُ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا، وَلَيسَ يَبْعُدُ أَنْ يَخْلُقَ الله [تَعَالى] في الجَبَلِ مَحَبَّةً كَمَا خَلَقَ في الجِذْعِ حَنِينًا.

والثَّانِي: أَنّه نَسَبَ المَحَبَّةَ إِلَى الجَبَلِ وَهُوَ يُرِيدُ أَهْلَهُ الأنْصَارَ، وَحَكَى سِيبَوَيهِ جَاءَتِ اليَمَامَةُ (٢)؛ أَي أَهْلُهَا، وَهُوَ شَائِعٌ مَشْهُوْرٌ.

والثَّالثُ: أَنْ يَكُوْنَ المَعْنَى أنَّ الجِبَال لَو كَانَت مِمَّنْ تُحَبُّ لَأحْبَّنَا هَذَا الجَبَلُ كَمَا نَقُوْلُ: دُوْرنَا تَتَنَاظَرُ أَي: لَوْ كَانَ لَهَا أَعْيُنٌ لنظَرَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ لَتَرَآى لِي نَارَاهمَا.

- وَقَوْلُهُ: "إنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ" وفي حَدِيثٍ آخرَ: "إنَّ هَذَا البَلدَ حَرَّمَهُ


(١) نَقَلَ اليَفْرَنِيُّ في "الاقْتِضَابِ" كَلَامَ المُؤَلِّفِ هَذَا ومَفَدَ لَهُ بِقَوْلِهِ: "وَقَال الشَّيخُ - وَفَّقَهُ اللهُ تَعَالى - وَهَا نَحْنُ نُلْقِي عَلَيكَ أُلْقِيةً حَسَنَةٌ في هَذَا البَابِ فَنَقُوْلُ: للعُلَمَاءِ فيه ثَلَاثَةُ أقْوَالٍ؛ أَمَّا المُنْكِرُوْنَ للمَجَازِ فَجَعَلُوا المَحَبَّةِ الَّتي نَسَبَهَا لِلْجَبلِ حَقِيقَةً وَقَالُوا: لَيسَ يُنْكَرُ في قُدْرَةِ الله تَعَالى أنْ يَخلُقَ في الجَبلِ مَحَبَّةً كَمَا خَلَقَ في الجِذْعِ حَنِينًا إلى النَّبَيِّ - عليه السلام -.
وأمَّا القَائِلُوْنَ بالمَجَازِ -وَهُمُ الجُمْهُوْرُ من أَهْلِ اللُّغَةِ والتَّفْسِيرِ- فَقَالُوا فيه قَوْلَينِ ... ثُمَّ قَال بَعْدَ ذلِكَ، وتَمَامُهُ في "الكَبِيرِ" ويَعْنِي بالكَبِير كِتَابَهُ "المُخْتَار الجَامع بين المُنْتَقَى والاستِذْكَارِ" وَقَدْ مَنَّ اللهُ تَعَالى بالوُقُوْفِ عليه في "المُخْتَار" ولديَّ مِنْهُ قِطَعٌ من نُسَخٍ ولله المِنَّة، أَحْلَتُ عليه في هَامِشِ "الاقْتِضَاب".
(٢) الكِتَابُ (١/ ١٦)، وعبارته: "وسَمَعْنَا مِنَ العَرَبِ مَنْ يَقُوْلُ - مِمَّن يُوثَقُ بِهِ -: اجْتَمَعَتْ أَهْلُ اليَمَامَة؛ لأنَّه يَقُوْلُ في كَلَامِهِ: اجْتَمَعَتِ اليَمَامَةُ يَعْنِي: أَهْلَ اليَمَامَةِ ... ".