للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كِتَابُ الشَّعْرِ] (١)

[السُّنةُ في الشَّعْرِ]

-[قَوْلُهُ: "أمَرَ بِإحفَاءِ الشَّوَارِبِ"] [١] الإحْفَاءُ في اللّغَةِ: الإفْرَاطُ في الشَّيءِ؛ يُقَالُ: سَأَلَ فَأَحْفَى، وفُلانٌ حَفِيٌّ بِفُلانٍ (٢): إِذَا كَانَ يُكْثِرُ مِنْ بِرِّهِ، وَلِذلِكَ رَأَىْ أَهْلُ العِرَاقِ اسْتِئْصَال الشَّارِب بالحَدِّ. وَذَهَبَ مَالِكٌ إلى الأخْذِ مِنْهُ حَتَّى يَبْدُوَ الإطَارُ، وَهُوَ طَرَفُ الشِّفَةِ، وكَذَلِكَ إِطَارُ الظُّفْرِ: اللَّحْمُ المُحِيطُ بِهِ، وإِطَارُ الغِرْبَالِ: جَدَارُهُ المُحْدِقُ بِهِ، فَيُحْتَمَلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكُوْنَ الإحْفَاءُ مِنْ قَوْلهِم: حَفِيَتِ الدَّابَّةُ وأَحْفَيتَهَا، وحَفَى السِّكِّينُ: إِذَا لَمْ يَقْطَعْ (٣)، وأَحْفَيتَهُ، فَكَانَ المُرَادُ بِإِحْفَاءِ الشَّارِبِ: أَنْ يُقْطَعَ أَطْرَافُ شَعْرِهِ الَّتِي تَقْرُبُ مِنَ الفَمِ؛ لأنَّهَا تَنْخَسُ المَرْأَةَ وتُؤذِيهَا عِنْدَ اللَّثْمِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّيءِ الحَدِيدِ التِي تزالُ حِدَّتُهُ بِأَنْ يُحَفَى، وَمَعَ ذلِكَ فَإِنَّ الشَّارِبَ في الحِقْيقَةِ إِنَّمَا هُوَ طَرَفُ الشَّفَةِ الَّتِي يُشْرَبُ بِهَا المَاءُ، ولِذلِكَ سُمِّيَ شَارِبًا. وَقَال الخَلِيلُ (٤): الشَّارِبَانِ: مَا طَال من نَاحِيَتَي السَّبَلَةِ، فَإِنْ سُمِّيَتِ الشَّفَةُ كُلُّهَا فَذلِكَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ جُمْلَةِ الشَيءِ بِبَعْضِهِ


(١) المُوطَّأ رواية يحيى (٢/ ٩٤٧)، ورواية أبي مصعب الزُّهري (٢/ ١٢٥)، ورواية سُوَيدٍ (٤٧٦)، ورواية محمد بن الحسن (٣٣٠)، وتفسير غريب الموطأ لابن حَبِيبٍ (٢/ ١٥٣)، والاستذكار (٢٧/ ٥٩)، والمنتقى لأبي الوليد (٧/ ٢٦٦)، وتنوير الحوالك (٣/ ١٢٣)، وشرح الزُّرقاني (٤/ ٣٣٤)، وكشف المغطى (٣٥٨).
(٢) في الأصل: "لفلان".
(٣) السِّكينُ تذكَّرُ وتؤنَّثُ.
(٤) العين (٦/ ٢٥٧، ٢٥٨).