للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنُ عُمَرَ لَمَّا أَمَرَ اليَمَانِيَّ بأَنْ يُهْدِيَ، سَألتهُ المَرْأَةُ عَنِ الهَدْيِ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ مَا هُوَ؟ فَقَال ابنُ عُمَرَ: هُوَ هَدْيُهُ المَعْرُوْفُ في مثل فِعْلِهِ، فَلَمْ يُقْنِعْهَا ذلِكَ حَتَّى كَرَّرَتْ السُّؤَال فَقَالتْ: وَمَا هَدْيُهُ المَعْرُوْفُ؟ أَي: عَيِّنْ لَنَا مَا هُوَ؟ فَأَعْلَمَهَا أَنَّ الهَدْيَ ليسَ بِشَيءِ مُعَيَّنٍ لَا يَجُوْزُ غَيرُهُ، وَلكِنَّهُ مَا أَمْكَنَ وتَيَسَّرَ وَلَوْ شَاةٌ، وأَعْلَمَهَا أَنَّ الشَّاةَ مَعَ أنّهَا أَقَلُّ مَا تُهْدِى أَفْضَلُ مِنَ الصِّيَامِ". ونَظِيرُ قَوْلهِ قَوْلُكَ: أَكْرَمْ أَبَاكَ إِكْرَامَهُ أَي: إِكْرَامَهُ المَعْرُوْفُ، أَي: الوَاجِبُ لَهُ عَلَيكَ، أَو المُتَعَيِّنُ لِمِثْلِهِ. وفي بَعْضِ النُّسَخِ "هَدْيُهُ فَقَالتْ: مَا هَدْيُهُ، أَي هَدِيَّةٍ من الهَدَايَا"؟ والأَوَّلُ هوَ الوَجْهُ.

[الوُقُوْفُ بِعَرَفَةَ والمُزْدَلَفَةَ]

-[قَوْلُهُ: "قَال مَالِكٌ قَال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى (١): {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الْحَجِّ} قال: فالرَّفَثُ: ... "] [١٦٧]. فَسَّر مَالِكٌ رحمه الله و"الرَّفَثَ" و"الفُسُوْقَ" و"الجِدَال" قَال: وفي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا خِلافٌ. قيلَ في "الرَّفَثِ": هُوَ التَّعْرِيضُ بالنِّكاحِ، قَال ذلِكَ ابنُ عَبَّاسٍ وابنُ الزبَيرِ (٢) وحُجَّتُهُمَا قَوْلُ العَجَّاج في الحُجَّاجِ (٣):


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٧.
(٢) يَظْهر أنَّه سَقَطَ المَعْنَى الثَّانِي للرَّفَثِ من النُّسْخَةِ، وَهُوَ الكلامُ الَّذِي فِيه فُحْشٌ وَدَلِيلُهُ بَيتُ العَجَّاجِ المَذْكُوْرِ. قَال ابْنُ الجَوْزِيِّ في زَادِ المَسِيرِ (١/ ٢١١): "وَالثَّانِي: أنَّهُ الجِمَاعُ وَمَا دُوْنَهُ مِنَ التَّعْرِيضِ بِهِ، وَهُوَ مَرْويٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَمْرُو بنُ دِينَارٍ في آخرين" وَالثَّالِثُ: أنَّهُ اللغو مِنَ الكلامِ قاله أبو عبد الرحمن اليزيدي.
(٣) ديوان العجاج (١/ ٤٥٦). والشاهد في: مجاز القرآن (١/ ٧٠)، وإصلاح المنطق (٩٤)، وتهذيبه (٢٤٣)، وترتيبه " المشرف المعلم ... " (٢/ ٧٠١)، وتفسير غريب القرآن لابن =