للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وَ [قَوْلُهُ: "أَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَكِبَ"] يُقَالُ: عَجَزَ الرَّجُلُ يَعْجِزُ، وَلَا يُقَالُ: عَجِزَ -بِكَسْرِ الجِيمِ وَفَتْحِهَا في المُسْتَقْبَلِ- إلا إِذَا عَظُمَتْ عَجِيزَتُهُ.

- وَقَوْلُ مَالِكٍ: "وَنَرَى عَلَيهَا مَعَ ذلِكَ" [٤]. مَعْطُوْفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ ابنِ عُمَرَ. والعَرَبُ تَسْتَعْمِلُ مِثْلَ هَذَا إِذَا أَرَادَ المُخَاطَبُ أَنْ يَزِيدَ في كَلَامِ المُخْبِرِ مَا أَغْفَلَهُ أَوْ مَا يَرَى المُخَاطَبُ أَنّه يَجِبُ أَنْ يُزَاد فيه. و"الكَفَّارَةُ" فَعَّالةٌ مِنْ كَفَّرْتُ الشَّيءَ -لِلمُبَالغَةِ كَقَتَّالٍ وضَرَّابٍ-: إِذَا سَتَرْتَهُ؛ لأنَّهَا تُذْهِبُ الإثْمِ وتَقِي مِنْ عِقَابِ الله، وَكَانَ القِيَاسُ أَنْ يُقَال: مُكَفِّرَةٌ؛ لأنَّهَا مِنْ كَفَّرْتُ أُكَفِّرُ تَكْفِيرًا، ولكِنَّهَا جَاءَتْ عَلَى حَذْفِ الزَّوائِدِ كَمَا قِيلَ: دَرَّاكٌ مِنْ أَدْرَكَ، وَجَاءَتْ بِلَفْظِ التّأْنِيثِ؛ لأنَّهُمْ ذَهَبُوا بِهَا إِلَى مَعْنَى الحَسَنَةِ الَّتِي من شَأْنِهَا أَنْ تُذْهِبَ السَّيِّئَةَ.

[اللَّغْوُ في اليَمِينِ]

وَأَصْلُ اليَمِينِ: اليَدُ، ثُمَّ سُمِّيَتْ القُوَّةُ يَمِينًا؛ لأنَّ قُوَّةَ كُلِّ شَيءٍ في مَيَامِنِهِ، وَعَلَى مَعْنَى القُوَّةِ تأَوِّلَ فِي قَوْلهِ [تَعَالى] (١): {مَطْويَّاتٌ بِيَمِينِهِ} ثُمَّ سُمِّيَ الحَلِفُ (٢) عَلَى الشَّيءِ يَمِينًا؛ لأنَّ الحَالِفَ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَا يُرِيدُ.

- وَ"الحَلِفُ": من قَوْلهِمْ: سِنَانٌ حَلِيفٌ: إِذَا كَانَ شَدِيدًا؛ سُمِّيَتْ بِدْلِكَ؛ لأنَّهَا تَعْرُص عِنْدَ حِدَّةُ الأخْلَاقِ وَثَوَرَانُ الغَصبِ، وَسُمِّيتْ قَسَمًا؛ لأنَّ الحَالِفَ


(١) سورة الزُّمر، الآية: ٦٧. ومَذْهَبُ السَّلَفِ إثبات اليَمِينِ واليَدِ للهِ تَعَالى كما أثبت لنفسه، وعدم تأويلها؛ لأن تأويلها صرفٌ لمدلول اللَّفظ عن معناه الأصليِّ دون قرينةٍ، فهم يثبتون الصِّفات على وجه يليق بجلال الله وعظمته {لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
(٢) في الأصل: "الحالف".