للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَرَادَ أَنْ يَتْرُكَهُمْ يُفكِّرُوْنَ في الاثْنَيْنِ مَا هُمَا. والوَجْهُ في "تُخْبِرُ" أَنْ يَكُوْنَ: لاَ تُخْبِرُنَا بِرَفْعِ الرَّاءِ عَلَى مَعْنَى العَرْضِ كَمَا يُقَالُ فِي التَّقْدِيْرِ: أَمَا تَرَى، ورُبَّمَا حَذَفُوا الهَمْزَةَ فَقَالُوا: مَا تَرَى وَهِيَ لُغَةٌ ضَعِيْفَةٌ، والمَشْهُوْرُ بالهَمْزِ، أَو يَكُوْنَ مِنَ الأفْعَالِ الَّتِي تَرْفَعُ عَلَى مَعْنَى الإخْبَارِ، والمُرَادُ بِهَا الأمْرُ والرَّغْبَةُ، كَمَا تَقُوْلُ: يَرْحَمُ اللهُ زَيْدًا ويَغْفِرُ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ [تَعَالَى] (١): {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} وَمَنْ رَوَى "ألَا تُخْبِرُنَا" بِرَفْعِ الرَّاءِ فَهُوَ أَصَحُّ، وَيَكُوْنُ عَلَى مَعْنَى العَرْضِ والاسْتِدْعَاءِ كَقَوْلِكَ (٢): "أَلاَ تَفْعَلُ، أَلاَ تَقْعُدُ، أَلاَ تَنْزِلُ" وَرُوِيَ: "ألَّا تُخْبِرُنَا" بِتشدِيْدِ اللاَّمِ، وَمَعْنَاهَا كَمَعْنَى "هَلاَّ" والهَمْزَةُ بدَلٌ مِنَ الهَاءِ، وَمَعْنَاهَا التَّحْضِيْضُ.

- وَ [قَوْلُهُ: "وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ"] [١٢]. يُقَالُ: جَبَذَ الشَّيْءَ وَجَذَبَهُ: إِذَا مَدَّهُ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٌ "يَدْلَعُ لِسَانَهُ" أَيْ: يُخْرِجُ لِسَانَهُ، يُقَالُ: دَلَعَ الرَّجُلُ لِسَانَهُ وأَدْلَعَ: إِذَا أَخْرَجَهُ، وَدَلَعَ اللِّسَانُ نَفْسُهُ.

[مَا جَاءَ في الصِّدْقِ والكَذِبِ]

[قَوْلُهُ: "لَا خَيْرَ فيِ الكَذِبِ"] [١٥]. المَمْنُوْعُ مِنَ الكَذِبِ مَا كَانَ كَذِبًا عَلَى اللهِ [تَعَالَى] أَوْ عَلَى رَسُوْلهِ [صلى الله عليه وسلم]، أَوْ كَانَ فِيْهِ مَضَرَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ.

أَذْكُرُ قِصَّةَ الحَجَّاجِ بنِ عِلاَطٍ (٣) وإِسْلاَمَهُ وَقَوْلَهُ لأهْلِ مَكَةَ: أُخِذَ


(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٣.
(٢) في الأصل: "كمالك".
(٣) عِلاَطٌ -بكسر المُهملة وتخفيف اللَّام- بن خالد بن ثويرة السُّلَمِيُّ، والحَجَّاجُ المَذْكُوْرُ صَحَابِيٌّ، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بخَيْبَرَ فَأَسْلَمَ. وَقصَّته المذكورة هنا في الإصابة (٢/ ٣٤)، عن عَبْدِ الرَّزَّاق ذَكَرَ طَرَفًا من الحَدِيْثِ، وَقَالَ الحَدِيْثُ بِطُوْلِهِ رَوَاهُ =