للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ (كِتاب المُسَاقاة) (١)

[ما جاء في المُسَاقاة]

قَال مَالِكٌ: "وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُسَاقَى الأَرْضُ البَيضَاءُ، وذلِكَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِصَاحِبَهَا كِرَاؤُهَا بالدَّنَانِيرِ والدَّرَاهِمِ وَمَا أَشْبَهَ ذلِكَ مِنَ الأثْمَانِ المَعْلُوْمَةِ" [٢] هَذَا مِنْ قَوْلِهِ يُوْهِمُ إِجَازَةَ كِرَاءِ الأَرْضِ بِغَيرِ الدَّنَانِيرِ والدَّرَاهِمِ إِذَا كَانَ ذلِكَ مَعْلُوْمًا، لَيسَ هَذَا مِنْ مَذْهَبِهِ، لأنَّه لَا يُجِيزُ كِرَاءَهَا بِشَيءٍ مِنَ الطَّعَامِ مَعْلُوْمًا كَانَ أَوْ مَجْهُوْلًا، وَلابُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ كَلامِهِ تَقْدِيرًا يَخْرُجُ بِهِ عَن المُنَاقَضَةِ لأُصُوْلهِ، بِأَنْ يُجْعَلَ كَلامُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ كَأَنَّهُ قَال: لأنَّهُ يَحِل لِصَاحِبِهَا كِرَاءَهَا مِنَ الأثْمَانِ المَعْلمُوْمَةِ بالدَّنَانِيرِ والدَّرَاهِمِ، فَيَكُوْنُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ القَائِلِ: اُمْرُرْ مِنَ القَوْمِ بِزَيدٍ وعَمْرٍو أَي: اختَصَّ هَذَينِ بِمُرُوْرِكَ دُوْنَ غَيرِهِمَا، ثُمَّ يُقَدِّمُ ويُؤَخِّرُ فَيَقُوْلُ: اُمرُرْ بِزَيدٍ وعَمْرٍو مِنَ القَوْمِ.

- وَ [قَوْلُهُ: "فَجَمَعُوْا حَلْيًّا منْ حَلْي نِسَائِهِمْ"]. يُقَالُ: حَلْيٌ وحِلْيٌ، والحِلْيُ الثَّانِي يُرَادُ بِهِ النَّوْعُ، والأوَّلُ يُرَادُ بِهِ جُزْءٍ مِنَ النَّوع؛ لأنَّ الأنْوَاعَ والأجْنَاسَ يُسَمَّى كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا باسمِ الجُمْلَةِ، فَيُقَالُ: مَاءٌ لِلجُزْءِ مِنَ المَاءِ وَلِجَمِيع جِنْسِهِ.

- وَ [قَوْلُهُ: "وَتَجَاوَزَ في القَسْمِ"] "القَسْمُ" - بِفَتْحِ القَافِ - مَصْدَرُ قَسَمْتُ، والقِسْمُ [بِكَسْرِهَا]: النَّصِيبُ مِنَ الشَّيءِ المَقْسُوْمِ.


(١) المُوطَّأ رواية يحيى (٧٠٣)، ورواية أبي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ (٢/ ٢٧٧)، والمُنتقى لأبي الوليد (٥/ ١٨٨)، وتنوير الحوالك (٢/ ١٨٥)، وشرح الزُّرقاني (٣/ ٣٦٣)، تقدَّم هذَا الكتاب والكتاب، الذي بعده عن موضعيهما في الأصل، ودخلا في كتاب "الأقضية".