(٢) بيع العربان: هو أن يشتريَ السِّلْعَةَ ويدفعَ إلى صاحبها شيئًا على أنَّه إن أمضى البَيع حُسِبَ من الثَّمَن، وإن لم يُمْضِ البيعَ كان لصاحب السِّلعة، ولم يرتجعه المشتري. هكذا في اللِّسان (عرب) وهذا هو المعمول به في وقتنا الآن. وجاء في اللِّسان أيضًا: "يقال: أعرب في كذا وَعَرَّبَ وَعَرْبَنَ، وهو عُرْبَانٌ وعُرْبُوْنٌ وعُرَبُونٌ، وقيل: سُمِّيَ بذلك لأنَّ فيه إعرابًا لعقد البيع أي: إصلاحًا وإزالة فَسَادٍ، لئَلَّا يملكه غيره باشترائه، وهو بيعٌ باطلٌ عند الفقهاء؛ لما، فيه من الشَّرط والغَرَر، وأجازه أحمد، وروي عن ابنِ عُمَرَ إجازته". قَال الإمَامُ أبُو مُحَمَّدٍ موفَق الدِّين بن قُدامة المَقْدسِيُّ رحمه الله في المُغني (٦/ ٣٣١): "قال أحمد: لا بأسَ به، وفعله عمر - رضي الله عنه - وعن ابن عمر أنَّه أجَازَهُ، وقال ابن سيرين لا بأس به، وقال سعيد بن المسيب وابن سيرين: لا بأس إذا كَرِهَ السِّلعة أن يرده معها، وقال أحمد: هذا في معناه. واختار أبو الخَطَّابِ أن لا يصح، وهو قول مالكٌ، والشَّافعيُّ، وأصحاب الرَّأي، ويروى ذلك عن ابن عباس، والحسن؛ لأنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العربون رواه ابن ماجه". أقول: أبُو الخَطَّاب هَذا هو أحد مشاهير فقهاء الحنابلة، واسمه محفوظ بن أحمد الكلوذاني (ت ٥١٠ هـ) ويعرف بـ "صاحب الهداية" (المقصد الأرشد ٣/ ٢٠)، وأصحاب الرأي: هم الأحناف. وحديث النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه ابن ماجه هو حديثُ "الموطَّأ" هَذَا. سنن ابن ماجه (٢/ ٧٣٨، ٧٣٩)، كتاب التِّجارات، بابٌ في العُربان.