للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العَمَلَ في غَسْلِ الجَنَابَةِ]

والغَسْلُ: المَصْدَرُ، وَهُوَ فِعْلُ الغَاسِلِ؛ والغُسْلُ بِضَمِّ الغَينِ: اسْمُ المَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ، والغِسْلُ -بِكَسْرِهَا-: اسمُ الشَّيءِ الَّذِي يُغْسَلُ بهِ الدَّرَنُ من طَفَلٍ وصَابُوْنٍ وغَيرِهِمَا، وكَثيرٌ مِنَ الفُقَهَاءِ والعَامَّةِ يَقُوْلُوْنَ: غُسْلٌ، ويُرِيدُوْنَ فِعْلَ الغَاسِلِ (١)، ولَا أَعْرِفُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالهُ، والغَسْلُ: يَكُوْنُ بِتَدَلُّكٍ، وبِغَيرِ تَدَلُّكِ يُقَالُ: غَسَلَتْنَا السَّمَاءُ وغَسَل المَطَرُ الأرْضَ، وغَسَلَهُ العَرَقُ. قَال طُفَيلٌ الغَنَويُّ (٢):

تَقْرِيبُهَا المَرَطَى والجَوْزُ مُعْتَدِل ... كَأَنَّهَا سُبَدٌ بِالمَاءِ مَغْسُوْلُ

والسُّبَدُ: طَائِرٌ لَيِّنُ الرِّيشِ لَا يَثْبُتُ عَلَيهِ المَاءُ. وَقِيلَ: هَيَ الخَصَفَةُ تَكُوْنُ عِنْدَ البِئْرِ. وَأَصْلُ الجَنَابَةِ: البُعْدُ عَنِ الطَّهَارَةِ؛ سُمِّيَتْ بِذلِكَ لأنَّ الجُنُبَ يَتَجَنَّبُ مَوَاضِعَ التَّعَبُّدِ وأَعْمَالهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ. والمَشْهُوْرُ في فِعْلِهَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ رُبَاعِيًّا، وَحَكَى أَبُو إِسْحَاق (٣): أَجْنَبَ وَجَنِبَ بِكَسْرِ العَينِ، ويُقَالُ مِنْهُمَا: رَجُلٌ مُجْنِبٌ


(١) يُراجع: إصلاح المنطق (٣٣)، وتَثقيف اللِّسان لابنِ مَكِّيِّ (٢٦٢).
(٢) ديوانه (٥٧)، وتخريجه هُنَاك. و"المَرَطَى" ضَرْبٌ من السَّيرِ.
(٣) هو: الزَّجَّاجُ، يُراجع كتابه "فَعَلْتَ وأَفْعَلْتَ" (١٦) وفيه: "جَنِبَ" معًا، أي: بِفَتْحِ النُّونِ وكَسْرِهَا، وكَذَا في كتاب الجَوَالِيقِيِّ (٣١)، وحَكَى الجَوْهَرِيُّ في الصِّحَاحِ "جَنُبَ" بضمِّ النُّون. قال ابنُ بَرِّي في حَوَاشي الصِّحاح (١/ ٥٤)، والمَعْرُوْفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ "أَجْنَبَ" و"جَنِبَ" -بكَسْرِ النُّون- و"أَجْنَبَ" أَكْثَرُ من جَنِبَ. ولَمْ يَعْرفَ الأصْمَعِيُّ إلَّا أَجْنَبَ.
أَقُوْلُ: لم يَذْكُرْهَا أَصْحَابُ كُتُبِ المُثلَّثِ؛ ابنُ السِّيد، وابنُ مَالِكٍ، والفَيرُوزآبادي، وذَكَرَ ابنُ مَالِكٍ التَّثْلِيثُ بِهَا عَلَى نَحْوٍ آخرَ.