للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَهُ، ذَهَبَ إِلَى الفِطْنَةِ والحِذْقِ.

وَ"لَعَلَّ" في هَذَا الحَدِيثِ لَيسَتْ بِرَجَاءٍ ولا طَمَع؛ لأنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِذلِكَ فِي هَذَا المَوْضِعِ وإِنَّمَا هُوَ لأمْرٍ يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ وأَنْ لَا يَقَعَ، هَذَا بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ يَقُوْلُ: رَأَيتُ مِنَ الأَمِيرِ جَفْوَةً، فَيَقُوْلُ لَهُ الآخَرُ: لَعَلَّهُ قَدِ اتَّصَلَ بِهِ عَنْكَ أَمْرٌ كَرِهَهُ. فَكَأَنَّهُ قَال: إِنَّ مِنَ المُمْكِنِ أَنْ يَكُوْنَ المُبْطِلُ مِنْكُمَا أَعْلَمَ بِمَقاطِعِ الكَلامِ مِنَ المُحِقِّ، وَدُخُوْلُ "أَنْ" في خَبَرِهَا قَلَّ مَا يَأْتِي إلَّا فِي الشَّعْرِ تَشْبِيهَّا بِـ"عَسَى" وَقَدْ تَقَدَّمَ.

- وَقَوْلُهُ: "إنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ". وَهَذَا عَلَى المِثَالِ، لَمَّا كَانَ ذلِكَ يُؤَدِّيهِ إِلَى النَّارِ [صَارَ كَأَنَّهُ نَارٌ] وَمِثْلُهُ (١): "إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ".

[الشَّهَادَاتِ]

- قَوْلُهُ: "لأَمْرٍ مَا لَهُ رَأْسٌ ولَا ذَنَبٌ" [٤]. أَي: أَمْرٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا فَرْعَ؛ شَبَّهَ الأَصْلَ بالرَّأْسِ والفَرْعَ بالذَّنَبِ، وإِذَا نُفِيَ عَنِ الشَّيءِ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ أَصْلٌ وفَرْعٌ فَقَدْ نُفِيَ أَنْ تَكُوْنَ لَهُ عَنْهُ حَقِيقةٌ وَثَبَاتٌ، أَلا تَرَى أَنَّ اللهَ شَبَّهَ التَّوْحِيدَ بِشَجَرَةٍ لَهَا أَصْلٌ، وَشَبَّهَ الشِّرْكَ بِشَجَرَةٍ لَيسَ لَهّ أَصْلٌ وَلَا فَرْعٌ فَقَال تَعَالى (٢): {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ} يُرِيدُ: النَّخْلَةَ (٣)، والشَّجَرَةُ الخَبِيثَةُ:


(١) الحديث في غريب أبي عُبَيد (١/ ٢٥٣)، بسنده في الهامش وأخرجه البُخاري، ومُسْلِم، وابن ماجه، والإمام أَحْمَد ... قال أبُو عُبَيدٍ: حَدَّثنَا إِسْمَاعِيل بن إبراهيم، عن أيُّوب، عن نافع، عن أُمِّ سَلَمَةَ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَفْظُهُ هُنَاكَ: "وفي حَدِيثِهِ عليه السَّلام في الذي يشرب في إناء من فِضَّةٍ إنَّمَا يَجُرجُر في بطنه نارَ جَهَنَّمَ".
(٢) سورة إبراهيم، الآية: ٢٤.
(٣) قال السُّهَيلِيُّ في التَّعريف والأعلام (٨٥): "هي النَّخلة، ولا يصحُّ -والله أعلم- ما روى عن =