للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مَا جاءَ في المَشْرِقِ]

-[قَوْلُهُ: "هَا إنَّ الفِتْنة هاهُنا" [٢٩]. لأنَّ البِدع إِنَّمَا ظَهَرَ أَكْثَرُهَا مِنْ نَاحِيَةِ المَشْرِقِ. وفِي الخَبَرِ: "إِنَّه سَيَخْرُجُ مِنْ نَاحِيَةِ المَشْرِقِ رَجُلٌ يَدَّعِي النبوَّةِ يَدْعو النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ الشَّمْسِ، والمُنَجِّمُوْنَ يَزْعُمُوْنَ أنهُ يَظْهَرُ مِن نَاحِيَةِ بَابل بَعْدَ خَمْسِمَائَةِ سَنَةٍ وثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ من الهِجْرَةِ (١).

- و [قَوْلُهُ "مِن حَيثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيطَانِ"]. قَرْنُ الشَّيطَانِ: أُمَّةٌ تَعْبُدُ الشَّمْسِ مِنْ دُوْنِ اللهِ، وَكَذلِكَ قَوْلُهُ: "تَطْلُعُ بَينَ قَرْنَي شَيطَانٍ" إِنَّمَا أَرَادَ: أُمَّتينِ تَعْبُدَانِ الشَّمْسَ، وَمَنْ عَبَدَ غَيرَ اللهِ فَإِنمَا عَبَدَ الشَّيطَانَ. وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَرْنهِ حَزَبَهُ دُوْنَ مَنْ يَعْبُدُهُ؛ لأنَّ البَلاءَ يَأْتِي مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ وَفِيهِ تُبْعَثُ الشَّيَاطِينُ وتَنْتَشِرُ، وَلِذلِكَ قَال (٢) [تَعَالى]: (٣): {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ}.

- و [قَوْلُهُ "وَبِهَا فَسَقَةُ الجِنِّ"] [٣٠]. فَسَقَةُ الجِنِّ: مَرَدَتُهُمْ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: دُهَاةَ الرِّجَالِ، وَرُؤِيَ الفِسْقُ والنَّكَارَةُ مِنْهُمُ. وَالعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ جِنًّا وشَيَاطِينَ، وتُسَمِّي العَرَبُ أَيضا ذَا الأخْلاقِ الرَّدِيئَةِ جِنًّا وَشَيَاطِينَ، قَال الشَّاعِرُ (٤):


= الجَوَالِيقِيُّ "مَا جَاءَ عَلَى فعَلْتَ وَأَفْعَلْتَ" (٥٥)، ونقل عن الزَّجَّاج أيضًا. واللِّسان، والتَّاج (عَلَفَ).
(١) كَلامُ المُنَجِّمِينَ لا يُعْتَدُّ بِهِ، ولا يَجُوْزُ تَصْدِيقُهُ ولا الالتفات إليه، وما كان ينبغي للمُؤَلِّفِ -رحمه الله وَعَفَا عنه- أن يذكُرَهُ أَصْلًا.
(٢) في الأصل: "قيل".
(٣) سورة الفلق.
(٤) هو مُوْسَى بن جَابرٍ الحَنَفِي، شاعرٌ، جَاهِلِيٌّ، يَمَامِي، نَصْرَانِي، يُعْرَفُ بـ "أُزَيرَقِ اليَمَامَةِ" ويُعْرَف بـ "ابنِ لَيلَى" وهي أُمُّه، وهو من الشُّعراء المكثرين، ولم يصلْنَا ديوانه، ولا أعلم أنَّه =