للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَي: أَبْعَدَنَا عَنِ الصَّلَاحِ. وأَمَّا الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ النَّاسُ عِنْدَ مُحَادَثَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا فَعَلَى الأبْعَدِ كَذَا، ولَيسَ مِنْ هَذَا؛ لأنَّ هَذَا إِنَّمَا يُىسْتَعْمَلُ عَلَى جِهَةِ تَوْقِيرِ المُخَاطَبِ.

[صِيَام يَوْمِ عَاشُوْرَاء]

- " عَاشُوْرَاءُ" اسمُ اللَّيلَةِ العَاشِرَةِ مِنَ المُحَرَّمِ، وإِلَيهَا أُضِيفَ اليَوْمُ فَقِيلَ: يَوْمُ عَاشُوْرَاءَ. وفي كِتَابِ "العَينِ" (١) عَاشُوْرَاءِ: اليَوْمُ العَاشِرُ مِنَ المُحَرَّمِ، قَال: وَقَال بَعْضُهُمْ: هُوَ اليَوْمُ التَّاسِعُ مِنَ المُحَرَّمِ، ومَنْ أَنكرَ ذلِكَ قَال: وَلَوْ كَانَ التَّاسِعُ لَكَانَ يُقَالُ: تَاسُوْعًا. ولِقَائِلٍ أَنْ يَقُوْلَ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ: عَاشُوْرَاء، وإِنْ كَانَ تَاسِعًا؛ لأنَّ الغَرَضَ مِنَ الصَّوْمِ اليَوْمَ العَاشِرَ، وإِنَّمَا يُصَامُ اليَوْمُ التَّاسِعُ مِنْ أَجْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ العَاشِرُ هُوَ المَقْصوْدُ غَلَبَ عَلَى التَّاسِعِ اسْمُهُ، وَقَدْ جَاءَ ذلِكَ مُبَيِّنًا في حَدِيثِ ابنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُوْلَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال في يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ: "صُوْمُوْهُ وصُوْمُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أوْ يَوْمًا بَعْدَهُ وَلَا تَشَبَّهوا باليَهُوْدِ" ومَا حَكَاهُ صَاحِبُ كِتَاب "العَينِ" (١) يُوْجِبُ أَنْ لَا يُقَال: يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ؛ لأنَّ فِيهِ إِضَافَةَ الشَّيءِ إِلَى نَفْسِهِ وذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ. وَقَدْ جَاءَ في حَدِيثِ ابن أبِي ذِئبٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "لأصُوْمَنَّ عَاشُوْرَاءَ يَوْمَ التَّاسِع" فَأَضَافَ اليَوْمَ إِلَى التَّاسِعِ وَهُوَ هُوَ، والكُوفيُّون يُجِيزُوْنَ مِثْلَهُ (٢)، وعَلَيهِ تأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالى (٣): {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} وَقَوْلَهُم: مَسْجِدُ الجَامِعِ. والبَصْرِيُّون يَتَأَوَّلُوْنَ مِثْلَ هَذَا عَلَى حَذْفِ المُوْصُوْفِ وإِقَامَةِ الصِّفَةِ


(١) العين (١/ ٢٤٩)، وزاد: "وكان المُسْلِمُون يَصُوْمُونَهُ قَبْلَ فَرْضِ شَهْرِ رَمَضَان".
(٢) يعني إضَافَةَ الشَّيءِ إلى نفْسِهِ، وقَدْ تَقَدَّمَ ذلِك.
(٣) سورة ق.