للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جَامِع النكاحِ]

- وَ [قَوْلُهُ: "فَلْيَأخُذْ بذِرْوَةِ سَنَامِهِ"] [٥٢]. الذِّرْوَةُ والذُّرْوَةُ (١): أَعْلَى كُلِّ شَيءٍ، والسَّنَامُ: الحَدَبَةُ، وخَصَّهُ بِقَوْلهِ: عَلَى ذُرْوَةِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيطَان، والإبِلُ تُشَبَّهُ بالشَّيَاطِينِ.

-[قَوْلُهُ: "فَلْيَأخُذْ بِناصِيتهَا"]. والنَّاصِيَةُ: مُقَدَّمُ الرَّأْسِ، وخَصَّهَا؛ لأنَّ العَرَبَ تُعَبِّرُ عَنْ مِلْكِ الشَّيءِ والقُدْرَةِ عَلَيهِ بِأَنْ يَقُوْلُوا: آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (٢): {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ} وشَبَّهَ بِهَا عَطَاءَ النَّاسِ، ويُنْسَبُ إِلَيهَا الخَيرُ والشَّرُّ، والنَّاكِحُ والمُتَسَرِّي رَاغِبَانِ في أَنْ يُمَلِّكَهُمَا اللهُ مَا نكحَا وتَسَرَّيَا، وَجَعَلَهُمَا مُتَصَرِّفينِ تَحْتَ إِرَادَتِهِمَا.

رَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ رَجُلًا أتى إلى عُمَرَ فَقَال: إِنَّ ابْنَةً لي وُلِدَتْ في الجَاهِلِيّةِ وأَسْلَمَتْ فَأَصَابَتْ حَدًّا فَعَمَدَتْ إِلَى الشَّفْرَةَ فَذَبَحَتْ نَفْسَهَا، فَأَدْرَكْتُهَا وَقَدْ قَطَعَتْ بَعْضَ أَوْدَجِهَا، فَدَاوَيتُهَا فَبَرِئَتْ، ثُمَّ نَسَكَتْ وأَقْبَلَتْ عَلَى القُرْآن فَحَفِظَتْهُ، وَهِيَ الآنَ تُخْطَبُ إِلَيَّ، أَفَأُخْبِرُ مِنْ شَأْنِهَا بالَّذِي كَانَ؟ فَقَال عُمَرُ:


= أقُوْلُ -وعلى الله أَعْتَمِدُ-: وهِيَ عِنْدَ العَامَّةِ في نَجْدٍ في وَقْتِنَا هَذَا مُحَرَّكةٌ غيرُ سَاكِنَةٍ، في المُفردِ: قَرَعَةٌ، وفي الجَمْعِ: قَرَعٌ.
(١) الذُّرْوَةُ مُثلَّثَةُ الذَّالِ، كَذَا قَال ابنُ السَّيدِ في مثلَّثه (٢/ ٢٥، ٢٦)، وابنُ مَالكٍ في الإعلام بتَثليث الكلام (١/ ٢٢٩)، والفَيرُوزآباديُّ في الغُرَرِ المُبَثّثَةِ (٤٣٧).
(٢) سورة العَلَق، الآية: ١٦، ومثله قَوْلُهُ تَعَالى: {مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا} سورة هود، الآية: ٥٦.