للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتعْمَدُ إِلَى سِتْرٍ سَتَرَهُ اللهُ فَتكشِفَه؟ ! لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكَ ذَكَرْتَ شَيئًا مِنْ أَمْرِهَا لأجْعَلَنَّكَ نكالًا لأهْلِ الأبْصَارِ، بَلْ أَنكحْهَا إِنكاحَ العَفِيفَةِ المُسْلِمَةِ.

- وَقَوْلُهُ: "مَا لكَ وَلِلْخَبَرِ". يُرِيدُ: مَا لكَ وَلِذِكْرِ الخَبَرِ، فَحَذَفَ المُضَافَ، أَوْ مَا لكَ وَلِلْخَبَرِ بِمَا كَانَ، فَيَكُوْنُ فِيهِ عَلَى هَذَا التّأويلِ الآخَرِ مَجَازَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنه حَذَفَ بَعْضَ الكَلامِ.

والثَّانِي: أنَّه أَقَامَ الخَبَرَ الَّذِي هُوَ اسْمٌ مَقَامَ الإخْبَارِ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ، كَمَا وَضَعَ المَتَاعَ مَوْضِعَ التَّمْتِيع في قَوْلهِ [تَعَالى] (١): {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} وَالوَجْهُ الأوَّلُ إِنَّمَا فِيهِ مَجَازٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَذْفُ المُضَافِ فَهُوَ أَوْلَى.

- وَقَوْلُهُ: "أحْدَثَتْ". كِنَايَةٌ عَنْ زَنَتْ، كَمَا كَنَّى بِقَوْله [تَعَالى] (٢): {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ}.

- وَقَوْلُهُ: "كادَ أنْ يَضْرِبهُ". كَذَا وَقَعَ في بَعْضِ النُّسَخِ، والنَّحْويُّوْنَ يَأْبَوْنَ اجْتِمَاعَ "كَادَ" مَعَ "أَنْ" إلَّا في ضَرُوْرَةِ الشِّعْرِ (٣)، وَرَأَيتُهُ في كِتَابِ أَبِي


(١) في الأصل: "ومَتعُوْهُنَ مَتَاعًا حَسَنًا" وَمَا أَثْبَتُهُ من سورة هود، الآية: ٣، ولعلَّه هو المَقْصُوْدُ هُنَا. وفي القُرْآن الكَريم قَوْلُهْ تَعَالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ... } سورة البقرة، الآية: ٢٣٦.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٧٥. قال أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَين بنُ أَحْمَدَ بنِ خَالوَيه في كتابه إعراب القِرَاءَات السَّبع (٢/ ٣٠٨): "ومَن أَحْسَنِ مَا جَاءَ في الكِنَاية {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} كنَّى الله تَعَالى عَنِ الغَائِطِ والبَوْلِ.
(٣) في رواية يَحْيى المطبوعة بدون "أن" واتصال خبر "كاد" بـ "أن" قليلٌ وليس بضَرُورة كما قَال المؤلّفُ رحمه الله. قَال ابن مالك في شَرْح التسْهِيلِ (٢/ ٢٩١): "والشَّائِعُ في خَبَر "كَادَ" وروده مُضَارِعًا غير مقترن بـ "أَنْ" كَقوله: {كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدًا} وَوُرُوْده مُقْتَرِنا بـ"أَنْ" قَلِيلٌ، ومنه ما جاء في حديثِ عُمَرَ - رضي الله عنه -: "ما كِدْتُ أُصَلّي العَصْرَ حَتى كَادَتِ الشَّمْسُ =