للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإِنَّ مِنَ السِّحْرِ مَا هُوَ مُسْتَحْسَنٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَقْبَحٌ. قَال ابنُ الرُّوْمِيِّ (١):

وَحَدِيثها السَّحْرُ الحَلالُ لَوَنَّهُ ... لم يجِنْ قَتْلَ المُسْلِمِ المُتَحَرِّز

إِنْ طَال لَمْ يُمْلَلْ وإِنْ هِيَ أَوْجَزَتْ ... وَدَّ المُحَدَّثُ أَنّهَا لَمْ تُوْجِزِ

شَرَكُ العُقُوْلِ ونُزْهَةٌ مَا مِثْلُهَا ... لِلْمُطْمَئِنِّ وَعُقْلَةُ المُسْتَوفِزُ

وَقَال أَبُو تَمَّامٍ (٢) -يُخَاطِبُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسِفَ الطَّائِيَّ وَكَانَ سَألَهُ حَاجَةً فَمَنَعَهُ-:

إِذَا مَا الحَاجَةُ انْبَعَثَتْ [يَدَاهِا] ... جَعَلَتَ المَنع مِنْكَ لَهَا عِقَالا

فَأَينَ قَصَائِدٌ لِي مِنْكَ تأْبَى ... وَتأَنَفُ أَنْ أُهَانَ وأَنْ أُدالا

هِيَ السِّحْرُ الحَلالُ لِمُجْتَنِيهِ ... وَلَمْ أَرَ قَبْلَهَا سحرًا حَلالا

وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أن النَّبِيَّ [- صلى الله عليه وسلم -] إِنَّمَا قَال [هَذَا] في بابِ مَا يُكرَهُ مِنَ الكَلامِ.

[مَا جَاءَ فِيمَا يُخَافُ مِنَ اللسَانِ]

-[قوله: "فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[١١] وَجْهُ سُكوْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَن إِجَابَةِ السَّائِلِ لِيُصْغِي الحَاضِرُوْنَ إِلَى جَوَابِهِ، ويَهَشُّوا لِمَعْرِفَةِ الاثْنَينِ؛ لأنَّ الشَّيءَ إِذَا أُبْهِمَ كَانَتِ النُّفُوْسُ أَحْرَصَ عَلَى مَعْرفتِهِ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُ [- صلى الله عليه وسلم -]: "أيُّ يَوْمٍ هَذَا، أيُّ شَهْرٍ هَذَا" وَرَوَاهُ يَحْيَى. "لَا تُخبِرْنَا" وتَبِعَهُ ابنُ القَاسِمِ. كَأنَّ السَّائِلَ


(١) ابن الرُّومي شاعرٌ، عَبَّاسِيٌّ، مَشْهُوْرٌ، والأبْيَاتُ الثَّلاثة في ديوانه (٣/ ١١٦٤)، زيادات حرف الزَّاي" عن المختار (٩)، والأمالي (٢٧٣)، وزهر الآداب (٩)، ونهاية الأرب (٥/ ٧١)، ومسالك الأبصار (٩/ ٣٦٢)، وهي هناك بتقديم الثالث على الثاني.
(٢) أبو تَمَّامٍ، حَبِيبُ بنُ أَوْسٍ الطَّائي، شاعرٌ عَباسِيٌّ مَشْهُوْرٌ، تقدم ذكره، والأبيات الثلاثة في ديوانه (٤/ ٤٨٢) "بشرح التبريزي".