للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُمَعَ لَهُمْ جَمِيع النَّاسِ، وكَذلِكَ سُقُوْطُ الضَّمِيرِ لَا يُوْجِبُ حُكْمًا آخرَ غَيرَ حُكْمِ ظُهُوْرِهِ، أَلا تَرَى أَنَّ قوْلَكَ: لَقِيتُ إِخْوتكَ مُسَاوٍ لِقَوْلهِ: الَّذِينَ لَقِيتُهُم إِخْوتُكَ. وَقَوْلُهُ [تَعَالى] (١): {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} مُسَاوٍ في المَعْنَى لِقَوْلهِ: بَعَثَهُ، فَإِذَا كَانَ هكَذَا، لَمْ يَكُنْ في ظُهُوْرِ الضَّمِيرِ وَلَا في سُقُوْطِهِ دَلِيل، وَكَانَ الأظْهَرُ يَجُوْزُ اشْتِرَاطُ الجَمِيع أَو البَعْضِ (٢).

[مَا جَاءَ فِي العُهْدَةِ]

-[قَوْلُهُ: "في الأيَّامِ الثَّلاثَةِ"] [٣]. إنَّمَا خَصَّ الثَّلاثَةَ في العُهْدَةِ؛ لأنَّ المَدِينَةَ كَثيرَةُ الحُمَّى، والحُمَّى الرَّبعُ تَتبَيَّنُ في ثَلاثٍ (٣). والعُهْدَةُ: يُحْتَمَلُ أَنْ تكُوْنَ مُشْتَقَّةً مِنْ قَوْلهِمْ: في هَذَا الشَّيءِ عُهْدَةٌ؛ إِذَا كَانَ فِيهِ فَسَادٌ لَمْ يُحْكَمْ، وَلَمْ يُسْتَوْثَقْ مِنْهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تكُوْنَ مُشْتَقَّةً (٤) مِنَ العَهْدِ والمَعْهَدِ وَهُوَ المَوْثقُ، وَمَنْ تَعَهُّدِ الشَّيءِ وَتَعَاهُدِهِ، وَهُوَ تَفَقُّدُهُ والاحْتِفَاظُ بِهِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلذِّمِّيِّ: مُعَاهِدُ بِكَسْرِ الهَاءِ وَفَتْحِهَا؛ لأنَّه أُعْطِيَ الأمَانَ واسْتَوْثقَ لِنَفْسِهِ. وَقَال الخَلِيلُ (٥): العُهْدَةُ: كِتَابُ الشِّرَاءِ.


(١) سُورة الفرقان.
(٢) اختَصَرَ اليَفْرُنِي رَحمه اللهُ شَرْح هَذ الفَقْرة وأَحَال على كتابه "الكبير" وهو يَقْصد كتابه "المُختار الجامع بين المُنْتَقَى والاسْتِذكار" وقد ذكرتُ موضعَ الإحالةِ على "المُخْتَارِ" في هامش "الاقتضاب" فليُراجع هُنَاك.
(٣) يُراجع: المُنْتَقى (٤/ ١٧٤).
(٤) في الأصل: "مشتق". وفي الاقتضاب: "أن تُشتَقَّ".
(٥) العين (١/ ١٠٣، ١١٨)، وفيه: "وَجَمْعُهُ: عُهَدٌ، ويُقَالُ للشَّيءِ الَّذِي فيه فَسَادٌ: إِنَّ فيه لَعُهْدَةٌ وَلَما يُحْكَمْ بَعْدُ".