للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القَضَاءُ فِي عِمَار المَوَاتِ]

عِمَارَةُ الأَرْضِ: مَكْسُوْرَةُ العَينِ، وَمَنْ فَتَحَهَا فَقَدْ أَخْطَأَ. والمَوَاتُ - بِفَتْحِ المِيمِ -: الأَرْضُ الَّتِي لا عِمَارَةَ فِيهَا، والمَوْتَانُ: الطَّاعُوْنُ مِثْلُ المَوَاتِ، يُقَالُ: وَقَعَ في النَّاسِ مَوْتَانُ وَمَوَاتٌ، ويُقَالُ: أَرْضٌ مَيتٌ - سَاكِنَةُ اليَاءِ -: دُوْنَ مَاءٍ، قَال تَعَالى (١): {بَلْدَةً مَيتًا} وَمَا مَاتَ مِنَ الحَيَوَانِ دُوْنَ دَاءِ فَهُوَ مَيتة، فَأَمَّا المَيِّتُ والمَيِّتَةُ بِتَشْدِيدِ اليَاءِ فَيَصْلُحَانِ (٢) فِي كُلِّ شَيءٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيرِهِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لِلْمُذَكَّرِ أُسْقِطَتْ مِنْهُ التَّاءُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ لِلْمُؤَنَّثِ أُثْبِتَتْ فِيهِ التَّاءُ، وَكَذلِكَ مَايِتٌ وَمَايِتَةٌ. وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ المَيتَ - بِسُكُوْنِ اليَاءِ - يُسْتَعْمَلُ في مَنْ مَاتَ وَقَضَى نَحْبَهُ، وأَمَّا المَيِّتُ - مُشَدَّدُ اليَاءِ - فَيُسْتَعْمَلُ فِي مَنْ لَمْ يَمُتْ بَعْدُ وَهُوَ مُنْتَهٍ لأنْ يَمُوْتَ، واحْتَجَّ بِقَوْلِهِ [تَعَالى]: (٣) {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} أي: إِنَّكَ سَتَمُوْتُ وإِنَّهُمْ سَيَمُوْتُوْنَ، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَينِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَيِّتًا وَمَيتًا لَيسَ بَينَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ تَخُفِيفِ اليَاءِ وتَثْقِيلِهَا، كَمَا يُقَالُ: هَينٌ وهَيِّنٌ، وَلَينٌ وَلَيِّنٌ، فَكَمَا أَنَّ التَّخْفِيفَ فِي هَذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِمَا مَعْنًى عَلَى مَعْنَاهَا قَبْلَ التَّخْفِيفِ فَكَذلِكَ مَيتٌ وَمَيِّتٌ.

والوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ العَرَبَ لَمْ تُفَرِّقْ بَينَهُمَا في الاسْتِعْمَالِ، وَمَنْ أَبْيَنِ ذْلِكَ قَوْلُهُ: (٤)


(١) سورة ق، الآية: ١١.
(٢) في الأصل: "فيصلحون".
(٣) سورة الزُّمر.
(٤) هُمَا لِعَدِيِّ بن الرَّعْلاءِ الغَسَّانِيِّ، والرَّعْلاءُ: أُمُّهُ، وَهِيَ - في الأَصْلِ - النَّاقَةُ الَّتِي تُقْطَعُ قِطْعَةً =