للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنَّ "أَهْرَاقَ" لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُوْلَينِ، وَإِنَّمَا يَتَعَدَّى إِلَى وَاحِدٍ، يُقَالُ: أَرَاقَ الرَّجُلُ المَاءَ، وَهَرَاقَهُ، وأَهْرَاقَهُ ثَلاثَ لُغَاتٍ، فَإِذَا صُرِفَ إِلَى صِيغَةِ [مَا] لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ قِيلَ: أُرِيقَ وهُرِيقَ، وأُهْرِيقَ المَاءُ، والوَجْهُ مَنْ رَوَى: "أُهْرِيقَ" أَنْ يَرْفَع الدِّمَاءَ، لَا وَجْهَ لِرِوَايَةِ غَيرِ هَذَا، وإِنْ كَانَ وَجْهُهُ مُسْتكرَهًا بَعِيدًا (١). وَحَشَّ النَّبْتُ فَهُوَ حَشِيشٌ، وَحَاشٌّ: إِذَا أَيبَسَ، وأَلْقَتِ النَّاقَةُ وَلَدًا حَشِيشًا.

- وَقَوْلُهُ: "أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي .. " "أَمَا" - هَهُنَا - مُخَفَّفَةُ المِيمِ، والنَّحْويُّوْنَ يُجِيزُوْنَ فَتْحَ الهَمْزَةِ في "أَنَّ" فِي هَذَا المَوْضِعِ وَكَسْرَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الكَلامُ فِيهَا.

-[قَوْلُهُ: كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الجَاهِلِيَّةِ بمَنِ ادَّعَاهُمْ] [٢٢]. لاطَ الشَّيءَ بالشَّيءِ: إِذَا لَصَقَ، والْتَطْتُهُ أَنَا إِلاطَةً، وَلاطَ حُبُّة بقَلْبِي يَلِيطُ وَيَلُوْطُ: إِذَا تَعَلَّقَ، وَهُوَ ألْيَطُ بِقَلْبِي وَأَلْوَطُ، وأَبى الفَرَّاءُ أَلْوَطُ إِلَّا مِنَ اللِّيَاطَةِ (٢).

- وَقَوْلُهُ: "هَذَا لأَحَدِ الرَّجُلَينِ" أَي: وَأَشَارَتْ لأَحَدِ الرَّجُلَينِ، واللَّامُ - هَهُنَا - بِمَعْنَى "إِلَى"، وَهُوَ كَلامٌ أَخْرَجَ الرَّاوي بَعْضَهُ عَلَى حِكَايَةِ قَوْلهَا، وَذلِكَ قَوْلُهَا: "يَا لَيتَنِي" وَسَائِرُهُ عَلَى جِهَةِ الإخْبَارِ عَنْهَا. وَيُرْوَى: "حَبْلٌ" [وَ] "حَمْلٌ" وَهُمَا سَوَاء.


(١) بياضٌ في الأصل في نصفِ سطرٍ.
(٢) جاء في الفَائق للزَّمَخْشَرِيِّ (٣/ ٣٣٨): "وَعَنِ الفَرَّاء: هُوَ أليَطُ بالقَلْبِ منك وَأَلْوَطُ، وهذَا لَا يَلِيطُ بِكَ، أَي: لَا يَلِيقُ. وفي تَهْذِيبِ اللُّغة للأزْهَرِيِّ (١٤/ ٢٤): "أبُو عُبَيدٍ عن الكِسَائِيِّ: إنِّي لأجدُ له لَوْطًا ولِيطًا بالكَسْرِ، وقد لاطَ حُبُّهُ يَلُوْطُ وَيَلِيطُ، أي: لَصِقَ". وفي العُبَابِ للصَّغاني (ليط) ذكر الحديث وقال: ويُرْوَى: "بِمَنِ ادَّعَاهُمْ في الإسلامِ؛ أَي: يُلْحَقُ بِهِم وأنشد الكسائي:
رَأَيتُ رِجَالًا لَيَّطُوا ولْدَةً بِهِمْ ... وَمَا بَينَهُمْ قُرْبَى وَلَا لَهُمُ وُلْدُ"