للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَرَ بِهِ وَرَضِيَهُ كَمَا تَنْسِبُهُ إِلَى مَنْ عَمِلَهُ وَتَوَلَّاهُ، فَالشَّيطَانُ يَرْتَضِي للإنْسَانِ هَذِهِ الأشيَاءَ ويَأْمُرُهُ بِهَا؛ لِيُوْقِعَهُ في المَكْرُوْهِ، وَعَلَيهِ يُحْمَلُ كُلُّ مَا جَاءَ مِن هَدا كَنَهْيِهِ عن أَنْ يَشْرَبَ الإنْسَانُ مِنْ مَقْبَضِ القِدْحِ؛ لأنَّهَا كَفْلُ الشَّيطَان، والكَفْلُ: المَركَبُ. وقِيلَ: إِنَّ الشَّيطَانَ في هَذِه الأحَادِيثِ إِنَّمَا يُعْنَى بِهِ مَرَدَةُ الإنْسِ وفُسَّاقُهُم، وَهُمْ يُسَمَّوْنَ شيَاطِينَ تَشْبِيهًا بِشَيَاطِينِ الجِنِّ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى التَسْلِيمِ، وتَرْكِ الخَوْضِ في مِثلِ هَذِهِ الأحَادِيثِ.

- وَ [قَوْلُهُ: "وَأنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ"]. اشْتِمَال الصَّمَّاء: أَنْ يشْتَمِلَ الرجُلُ بِثَوْبِهِ فَيُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ، وَلَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا يُخْرجَ مِنْهُ يَدَهُ. والصَّمَّاءُ: صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوْفٍ، أَي: اشْتَمَلَ الاشْتِمَالةَ الصَّمَّاءَ، وَمِثْلُهُ: رَجَعَ القَهْقَرَى، وَقَعَدَ القُرْفُصاءَ. وَقَال أَهْلُ العَربِيَّةِ: هِيَ مَصَادِرُ رَجَعَتْ مِنْهَا أَنّهَا نُعُوْتٌ (١) لِمَصَادِرَ مَحْذُوْفَةٍ. والصَّمَّاءُ: مِنْ قَوْلهِمْ: صَمَمْتُ الكُوةَ؛ إِذَا سَدَدْتُهَا، وَكَذلِكَ صَمَمْتُ القَارُوْرَة، ويُقَال لِمَا تُشَدُّ بِهِ: الصِّمَامُ، وَمِنْهُ اشْتُقَّ الصَّمَمُ في الأذُنِ، وَمِنْهُ قِيلَ للدَّاهِيَةِ الَّتي لا يُقْدَرُ على تَلافِيهَا وإِصْلاحِهَا: صَمَامِ وصَماءُ؛ لانْسِدَاد أَبْوَابِ الحِيَلِ إلى مُعَانَاتِهَا، فَلَمَّا كَانَ الإنْسَانُ يُجَلِّلُ جَسَدَهُ بِثَوْبِهِ ولا يَتْرُكُ مِنْه فُرْجَةً يُخْرجُ مِنْهَا يَدَهُ شُبِّهَ ذلِكَ بالشَّيءِ المَسْدُوْدِ. و"الاحْتِباءُ" الاشْتِمَال.

[مَا جَاءَ في المَسَاكينِ]

-[قَوْلُهُ: "فَمَا المِسْكِينُ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ "] [٧]. الغَالِبُ عَلَى "مَا" الاسْتِفْهَامِ عَنْ مَا لَا يَعْقِلُ، وَقَدْ يُسْتفهَمُ بِهَا عن الأجْنَاسِ والأنْوَاعِ مِمَّنْ يَعْقِلُ كَقَوْله


(١) في الأصل: "يموت".