للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تَعَالى] (١): {ما طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وَهَذِهِ العِبَارَةُ مُسَامَحَةٌ مِنَّا عَلَى نَحْو مَا يَسْتَعْمِلُهُ النَّحْويوْنَ، وأَمَّا في الحَقِيقَةِ فَلَيسَ بِنَوعٍ وَلَا جنسٍ، وَقَدْ يُسْتفهَمُ بِهَا أَيضًا عَنِ الصِّفَاتِ نَحْوَ قَوْلِ القَائِلِ. مَا زَيدٌ؟ فَيُقَالُ: ظَرِيفٌ؛ عَلَى مَا قَل، فَيُسْتَفْهَمُ بِهَا أَيضًا عَنْ مَاهِيَّةِ كُلِّ شَيء وَهِيَ حَقِيقَتُهُ وَلَا مَدْخَلَ لِهَذَا في صِنَاعَةِ النحْو.

- ذَكَرَ حَدِيثَ "جَهْجَاه" (٢). فَقَال: أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنّهُ إِنَّمَا ضَرَبَ هَذَا مَثَلاٌ للزَّهَادَةِ في الدُّنْيَا والحِرْصِ عَلَيهَا، فَجَعَلَ المُؤمِنُ لقَنَاعَتِهِ باليَسِير مِنْهَا كَالآكِلِ مِنْ مِعى وَاحِد، والكافر لِشِدَّة حِرْصِهِ عَلَيهَا كَالآكِلِ في سَبْعَةِ أَمْعَاء.

- وَذَكَرَ حَدِيثَ أبِي ذَر: "تخضِمُون ويقْضِم والمَوْعِدُ الله". فَقَال: الخَضْمُ: الأكْلُ بالفَمِ كُلهِ. والقَضْمُ: الأكْلُ بأَطْرَافِ الأسْنَانِ. وَقِيلَ: الخَضْمُ أَكْلُ الرَّطْبِ، والقَضْمُ: أَكْلُ اليَابِسِ. وخَصَّ السَّبع دُوْنَ سَائِرِ العَدَدِ لِشُربِهِ حِلابَ سَبع شِيَاه. والحِلابُ: اللَّبَنُ، وَقَدْ يَكُوْنُ الإنَاءُ الَّذي يُحْلَبُ فيه، قَال (٣):


(١) في الأصْلِ: "قَوْلُكَ". والآية ٣ من سورة النساء. وهل "ما" هنا استفهام؟ !
(٢) هو جَهْجَاهُ بنُ سَعِيدِ الغِفَارِيُّ، مَذْكُوْرٌ في الاستيعاب (١/ ٣٦٥)، وتاريخ الصَّحابة (٦٢)، وأسد الغابة (١/ ٣٦٥)، والإصابة (١/ ٥١٨)، والثقات (٣/ ٦١)، ويُراجع: التَّمهيد (١٨/ ٥٤)، والمُنْتَقى لأبي الوليد الباجي (٧/ ٢٣٤، ٢٣٥)، وفيه تعليل جيدٌ أنَّ الكَافرَ لا يذكرُ اسمَ الله، وفيه: "جحاد الغفاري" تحريفٌ.
(٣) يُنْسَبُ إلى الحَارِثِ بن مَضَاضِ الجُرْهُمِي، شَاعر قَدِيم هو الَّذي يقُوْلُ:
كَأنْ لَمْ يَكُنْ بينَ الحُجُوْنِ إِلَى الصَّفَا ... أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُر بمَكَةَ سَامرُ
وأولُ الأبْيَاتِ الَّتي مِنهَا الشَّاهِد:
قدْ قَطَعْتُ البِلادَ في طَلَبِ الثَّر ... وَةِ والمَجْدِ قَالِصَ الأثْوَابِ
وربمَا نسب إلى إسْمَاعِيل بن يَسَارِ النَّسَائِي، شاعرِ زبيرِيّ الهَوَى. ولَمَّا انقَطَعَتْ دَوْلَةُ =