للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ إِذ تَجَاوَزَ الثَّمَانِيْنَ، وَقَد لَحِقَهُ مَا لَحِقَ أَهْلَ بَلَنْسِيَةَ في الحِصَارِ من الجُوع والألَمِ والخَوْفِ، وَصَلَهَا -فِيْمَا يَظْهَر- مُرْهَقًا، وَرُبَّمَا مَرِيْضًا، فَلَمْ تُمْهِلْهُ المَنِيَّة حَتَّى تُوفيَ بُعَيْدَ وُصُوْلهَا بِأَشْهُرٍ عَلَى مَنْ يَرَى أَنّه تُوفي سَنَةَ (٥٨٨ هـ) رُبما بِأَيَّامٍ أَيْضًا، أَوْ في حُدُوْدِ السَّنَةِ على مَنْ يَرَى أَنّهُ تُوفِّي سَنَةَ (٤٨٩ هـ) وهو الرَّاجِحُ.

هل ولي أَبُو الوليدِ قَضَاءَ طُلَيْطُلَة وَدَانِيةَ؟

أَمَّا قَضَاء طُلَيْطُلَة فَالأمْرُ عِنْدِي غَيْرُ مُسْتبعَدٍ، فَأكثَرُ إِقَامَتِهِ كَانَت فِيْها حَتَّى مَعَ تَوَلِّيه قَضَاءَ طَلْبِيْرَة، مَعَ أَنَّ النُّصُوْصُ الصَّرِيْحَةُ غَيْرُ مَوْجُوْدَةٍ، لكِنْ هُنَاكَ إِشَارَةٌ وَرَدَتْ عِنْدَ المَقَّرِيِّ وَهِيَ قَوْلُه (١): قَال القَاضِي الأدِيْبُ، والفَيْلَسُوْفُ الأَرِيْبُ أبُو الوَليْدِ الوَقَّشِيُّ قَاضِي طُلَيطُلَةَ" فَهَلْ كَانَ أبُو الوَليْدِ حَقًّا قَاضِيًا فِيْهَا، وَلَوْ لفَتْرَةٍ يَسِيْرَةٍ؟ بالأصَالةِ أَوْ بالنَيَابَةِ، أو هِيَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنَ المَقَّرِيِّ رحمه الله أَرَادَ أَنْ يَقُوْلَ: قَاضِي طَلْبِيْرَةَ فَقَال: قَاضِي طُلَيْطُلَةَ، وَهُنَاكَ إِشَارَةٌ أُخْرَى لَدَى ابنِ خَلِّكَان (٢) أَنَّه وَلِيَ القَضَاءَ بِدَانِيَةَ؟ ! قَال في تَرْجَمَةِ تِلْمِيْذِهِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: "أَخَذَ العِلْمَ عن جَمَاعَة من الأنْدَلُسِيِّين كَأبي الوَليْدِ الوَقَّشِيِّ قَاضِي دَانِيَةَ".

وَفَاته:

تُوفِي أَبُو الوَليْد يَوْم الاثْنينِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَت من جُمَادَى الآخرة سنَة تسعِ وَثَمَانِيْن وَأَرْبَعمائة بِدَانيَة في دَارِ خَالِ أَبِي بَكْرٍ عَتِيْقِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ المُقرِئُ،


(١) نفح الطيب (٤/ ٣٠٦).
(٢) وفيات الأعيان (٢/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>