للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كِتَاب الجُمُعَةِ] (١)

(العَمَلُ في غسْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ)

- ذَكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ إِنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ السَّاعةِ فِي هذَا الحَدِيثِ إِنَّمَا هِيَ أَجْزَاء مِنْ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّيءَ إِذَا كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ مُتَشَابهةَ غَيرَ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنَّ العَرَبَ رُبَّمَا سَمَّتْ كُلَّ جُزْء مِنْ أَجْزَائِهِ باسْمِ جُملَتِهِ، وهذَا يَجِيءُ كَثيرًا في الأجْنَاسِ والأنْوَاعِ الَّتِي لَيسَتُ لأجْزَائِها أَسْمَاء تَخُصُّها مِنْ حَيثُ هِيَ أَجْزَاء، أَلا تَرَى أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ المَائِعَاتِ كُلّها يُسَمَّى بِاسْمِ جُمْلَتِها، وَلَوْلا ذلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَال: شَرِبْتُ مَاءً، وَلَا أَكَلْتُ عَسَلًا؛ لأنَّه لَمْ يَأكُلْ جَمِيعَ العَسَلِ، ولا شَرِبَ جَمِيعَ المَاءِ، وَلأجْلِ هذَا اسْتَجَازُوا جَمْعَ الأجْنَاسِ والأنْوَاعِ وإِنْ كَانَتْ أَلْفَاظُها تُغْنِي عَنْ ذلِكَ، وَقَالُوا في جَمعِ مَاءٍ: أَموَاهُ ومِيَاهٌ، وَفِي جمعٍ عَسَلٍ: عُسْلانٌ وعُسُلٌ، وَقَد يَكُوْنُ ذلِكَ أَيضا لاخْتِلافِ الأنْوَاعِ، كَمَا قَال النَّابِغةُ (٢):


(١) الموطأ رواية يَحيَى (١/ ١٠١)، ورواية أبي مُصعَب (١/ ١٦٦)، ورواية محمد بن الحسن (٨٦)، ورواية سُوَيد (١٢٣)، ورواية القَعنَبِي (٢٠٥)، وتفسير غريب المُوطَّأ لابن حَبِيب (١/ ٢٣٠)، والاستذكار (٢/ ٢٦٥)، والمُنْتَقَى لأبي الوَليد (١/ ١٨٣)، والقَبَس لابن العَرَبِي (١/ ٢٥٩)، وتنوير الحوالك (١/ ١٣١)، وشَرح الزَّرقاني (١/ ٢٠٦).
(٢) هو النَّابغة الجَعدِيُّ، وَيَظْهرُ أَنَّ البَيتَ من شَوَارِدِ قَصِيدَتِهِ الَّتِي أوَّلها:
هلْ بالدِّيَارِ الغَدَاةِ مِنْ صَمَمِ ... أَم هلْ بِرَبْعِ الأنِيسِ مِنْ قِدَمِ
وَلَعَل مَوْقع البَيتِ بعدَ قَوْلهِ:
عُلَّتْ بِها قُرْقُفٌ سُلافَة أَسـ ... ـفنْطِ عُقَارٌ قَلِيلَةُ النَّدَمِ =