للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِحَسَبِ إِرَادَتِهِ، وَبِهَذَا المَعْنَى فَارَقَ الإنْسَانُ البَهِيمَةَ، واسْتَوْجَبَ الثَّوَابَ والعِقَابَ.

- وَقَوْلُهُ: "لَيسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ"] [١٢]. الصُّرَعَةُ: الَّذِي يَصْرَعُ الرَّجُلَ لِقُوَّتِهِ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وضَمِّ الصَّادِ. وبإِسكَانِ الرَّاءِ الَّدي يَصْرَعُهُ الرَّجُلُ. وَمِثْلُهُ: لُعْنَة ولُعَنَةٌ، وسُبَّةٌ وسُبَبَةٌ، وسُخْرَةٌ وسُخَرَةٌ. وَمَعْنَى هَذَا الحَدِيثِ: أنَّ قُوَّةَ النَّفْسِ أَحْسَنُ مِنْ قُوَّةِ الجِسْمِ، وَلَيسَ في هَذَا الحَدِيثِ مَا يَنْفِي أَنْ يُسَمَّى الَّذِي يَصْرَعُ الرِّجَال صُرَعَةً وإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ المَالِكَ لِنَفْسِهِ أَحْرَى بِأَن يُسَمَّى شَدِيدًا، وإِنْ كَانَ الصُّرَعَةُ يُسَمَّى كَذلِكَ. قَال أَبُو تَمَّامٍ يَمْدَحُ المَأْمُوْنَ (١):

والصَّبْرُ بالأَرْوَاحِ يُعْرَفُ فَضْلُهُ ... صَبْرُ المُلُوكِ وَلَيسَ بالأجْسَامِ

وَقَال آخرُ:

صَبَرْتُ عَلَى مَا لَوْ تَحَمَّلَ بَعْضَهُ ... جِبَالُ شَرَوْرَى (٢) أَوْشَكَتْ تَتَصَدَّعُ

[مَا جَاءَ في المُهَاجرَةِ]

[قَوْلُهُ: "أنْ يُهَاجِرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ"] [١٣]. في رِوَايَةَ يَحْيَى: "يُهَاجِرُ" وفي


(١) ديوانه "شَرْحُ الخَطِيبِ التِّبرِيزِيِّ" (٣/ ٢٠٩) يمدح الوَاثِقَ ويهنيه بالخِلَافَةِ ويرثي المُعْتَصِمَ من قَصِيدَة أَوَّلها:
مَا للدُّمُوع تَرُوْمُ كُلَّ مَرَامِ ... وَالجَفْنُ ثَاكِلُ هَجْعَةٍ وَمَنَامِ
(٢) شَرَوْرَى مَوْضِعٌ، قَال البَكْرِيُّ في مُعجم ما استعجم (٣/ ٧٩٤): "بفتح أوَّله وثانيه بعده واو وراءٌ مُهملة، مَقْصُوْرٌ، جَبَلٌ بين العُمق والمَعْدن في طريق مكَّة من الكوفة، وهي بين بني أسد وبني عامر". وقال ياقوت في معجم البلدان (٤/ ٣٣٩): "شَرَوْرَى -بتكرير الرَّاء وهو فعوعل، .... قال الأصْمَعِيُّ: شَرَوْرَى وَرَحْرَحَانُ: في أرضِ بَني سُلَيمٍ ... " وقوله: "أَوْشَكَت تَتَصَدَّعُ" الأكثر في أَوْشَكَ أن يقترن خبرها بـ "أن"؟ ! .