للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهُ"، وَمِثْلُهُ في القُرْآنِ (١). والَّذِي يَجْمَعُ بَينَ ذلِكَ أَنْ يُقَال: إِنَّ اللهَ حَرَّمَهَا عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ [- عليه السلام -]، فَنَسَبَ التَّحْرِيمَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَمِنْهُ [قَوْلُهُ تَعَالى] (٢): {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩)} لَمَّا وَرَدَ عَلَى لِسَانِهِ.

- وَ [قَوْلُهُ: "مَا بَينَ لَابتَيهَا"]. اللَّابَةُ: الحَرَّةُ، وَفِيهَا لُغَتَانِ: لَابةٌ ولُوْبَةٌ وَهِيَ أَرْضٌ سَوْدَاءُ الحِجَارَةِ، قَال ابنُ نَافِعٍ: واللَّابَتَان إِحْدَاهُمَا الَّتِي يَنْزِلُ بِهَا الحَاجَّ إِذَا رَجَعُوا مِنْ مَكَّةَ، وَهِيَ بِغَرْبِيِّ المَدِينَةِ، والأُخْرَى مِمَّا يَلِيهَا مِنْ سُوْقِ المَدِينَةِ، وَفِي قِبْلَةِ المَدِينَةِ حَرَّةٌ ثَالِثَةٌ، وَفِي جَوْفِهَا حَرَّةٌ رَابِعَةٌ، فَقَوْلُهُ: مَا بَينَ لَابَتَي المَدِينَةِ يَدْخُلُ فِيهِ مَا بَينَ الحَرَّةِ الشَّرْقِيَّةِ والغَرْبِيَّةِ، وَمَا بَينَ الحَرَّةِ الجَوْفِيَّةِ والقِبْلِيَّةِ.

- وَ [قَوْلُهُ: "وَأنَا بالأسْوَافِ"] [١٣] الأسْوَافُ: مَوْضِعٌ بِنَاحِيَةِ البَقِيع مِنْ المَدِينَةِ (٣)


(١) قَال تَعَالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا} [النمل: ٩١].
(٢) سورة التَّكوير.
(٣) معجم ما استعجم (١/ ١٥١)، ومعجم البُلدان (١/ ١٩١)، والمغانم المُطابة (١٥)، ووفاء الوفاء (٢/ ٢٤٥)، قال البَكْرِي: "بفَتْحِ أَوَّلِهِ، وبالواو والفَاءِ على وَزْنِ أَفْعَالٍ: موضعٌ بالمَدِينَةِ مَعْرُوْف، وهو من حَرَمِ المَدِينَةِ، رَوَى مَالِكٌ عن رَجُلٍ، دَخَلَ على زَيدِ بنِ ثَابِتٍ وأَنَا بالأسْوافِ فَرَآني ... الحَدِيثُ، وَهُوَ حَدِيثُ "المُوَطَّأ" هذَا. ثُمَّ قَال: والرَّجُلُ شَرَحْبِيلُ. وذكر السَّمْهُوْدِيُّ في وَفَاءِ الوَفَاءِ: أَنَّه شامِيُّ البَقِيعِ، وأَنَّ بَعْضَ الأَسْوَافِ بِيَدِ طَائِفَةٍ من العَرَبِ بالتَّوَارُثِ يُعْرَفُوْنَ بـ "الرُّيُودِ" فَلَعَلَّهُمْ ذُريَّةِ زَيدِ بنِ ثَابِتٍ".
أقُوْلُ: مَا قَاله غَيرُ بَعِيدٍ بِدَلَالةِ رِوَايَةِ هَذَا الحَدِيثِ عَنْ زَيدِ بن ثَابِتٍ نَفْسِهِ. وَمَا قِيلَ: أَنَّ هَذَا المَوْضِعُ مَوْضِعُ صَدَقَةِ زَيدِ بنِ ثَابِتِ وَمَالهُ. ونَقَلَ الفَيرُوْزَآباديُّ في "المغانم" عن "العُباب" للصَّغاني أَنَّه بالسِّين المُهْمَلَةِ، وهو كذلِك، يُراجع: العُباب (الفاء) (١٩٧)، عن غَرِيبِ الحَدِيثِ لأبي عُبَيدٍ (٤/ ١٥٦) وَذَكَرَ حَدِيثَ "المُوَطَّأ".