للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شِعْرِهِ؟ قُلْتُ: أَنكرْنَا قَوْلَه (١):

وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُل آخِرِ لَيلَةٍ ... حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا مُتَوَرِّدُ

لَيسَتْ بِطَالعَةٍ لَهُمْ في رَسْلَهَا ... إلَّا مُعَذَّبَةً وإِلَّا تُجْلَدُ

فَمَا بَال الشَّمْسُ تُجْلَدُ؟ فَقَال: والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَطُّ حَتَّى يَنْخَسَهَا سَبْعُوْنَ أَلْفَ مَلَكٍ فَيقُوْلُوْنَ لَهَا: اطلَعِي فَتَقُوْلُ: لَا أَطلُعُ عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُوْنَنِي مِنْ دُوْنِ اللهِ، فَيَأْتِيهَا مَلَكٌ مِنَ اللهِ فَيَأْمُرَهَا بالطُّلُوعْ فَتَسْتَقِلَّ لِضِيَاءِ بَنِي آدَمَ، فَيَأْتِيَهَا شَيطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ الطُّلُوع فَتَطْلعَ بينَ قَرْنَيهِ فَيُحْرِقَهُ اللهُ تَحْتَهَا، ومَا غَرَبَتِ الشَّمْسِ قَطٌّ إِلَّا خَرَّتْ للهِ سَاجِدَةً، فَيَأْتِيَهَا شَيطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ السُّجُوْدِ فَتَغْرُبَ بَينَ قَرْنَيهِ فَيُحْرِقَهُ اللهُ تَحْتَهَا، وَذلِكَ قَوْلُهُ: "مَا طَلَعَتْ إلَّا بينَ قَرْنَي الشَّيطَانِ ولَا غَرَبَتْ إلَّا بمنَ قَرْنَي الشَّيطَانِ" وَقَال قَوْمٌ: إِنَّه أَرَادَ بِقَرْنَي الشَّيطَانِ أُمَّةً تَعْبُدُ الشَّمْسَ وَتَسْجُدُ لَهَا عِنْدَ الطُّلُوع والغُرُوْبِ فَكَرِهَ [رَسُوْلُ اللهِ]- صلى الله عليه وسلم - التّشبُّهَ بالكُفَّارِ. والقَرْنُ: الأُمَّةُ، قَال اللهُ [تَعَالى] (٢): {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ} وأَضَافَ القَرْنَ إِلَى الشَّيطَانِ كَمَا يُقَالُ لِلْكُفَّارِ: حِزْبُ الشَّيطَانِ. وَقَال عَلَيهِ السَّلامُ: "إذَا طَلعَتِ الشَّمْسُ فَاقْصُرُوا عَن الصَّلاةِ حَتَّى تَغِيبَ فَإنَّهَا تَطْلُعُ عَلَى قَرْنِ الشَّيطَانِ ويُصَلِّي لَهَا الكُفَّارُ، وَإذا عَدَلَ النّهارُ فَأَقْصِرُوا فَإنَّهَا سَاعَةٌ تَسْجُدُ فِيهَا جَهَنَّمُ" وإِلَى هَذَا التّأويلِ ذَهَبَ ابنُ قُتيبَةَ (٣)،


(١) ديوان أميَّة (٣٦٦).
(٢) سورة الأنعام، الآية: ٦، وسورة ص، الآية: ٣٨، وفي الأصل: "وكم ... ".
(٣) هو: أبو مُحَمَّدٍ عبدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ قُتيبةَ الدينَوريُّ (ت ٢٧٩ هـ). مؤلِّف "الشَّعْر والشُّعَراء" و"غريب الحديث" و"عيون الأخبار" و"مشكل القرآن" و"تَفْسير غريب القرآن" ... =