للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاسْتِنْثَارُ: رَمْيُ المَاءِ مِنَ الأنْفِ بَعْدَ استِنْشَاقِهِ، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنْ قَوْلهِمْ: نَثَرْتُ الشَّيءَ نَثْرًا: إِذَا رَمَيتَهُ مُتَفَرِّقَّا، وَيُقَالُ نَثَرَتِ الدَّابَّةُ نَثرًا ونَثيرًا إِذَا عَطَسَتْ، قَال ذُو الرُّمَّةِ -يَصِفُ حُمُرَ وَحْشٍ وَرَدَتِ المَاءَ- (١):

فَمَا أَفْجَرَتْ حَتَّى أَهَبَّ بِسُدْفَةٍ ... عَلاجِيمَ عَينَا ابْنَي صُبَاحٍ نَثيرُهَا

يُرِيدُ: إِنَّها أَيقَظَتِ الضَّفَادعَ بِأَصْوَاتِ أُنُوفِهَا. وَهَذَا القَوْلُ الثَّانِي أَشْبَهُ بالاسْتِنْثَارِ المَذكُوْرِ في الوَضُوْءِ؛ ولأنَّه قَدْ جَاءَ في حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا تَوَضَّأ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخَرِهِ مِنَ المَاءِ ثُمَّ لِيَنْثُرْ" دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الاسْتِنْثَارَ غَيرُ الاسْتِنْشَاقِ (٢).

- وأَصْلُ "المَضْمَضَةُ": الغَسْلُ. يُقَالُ: مَضْمَضَ إِنَاءَهُ وَمَصْمَصَهُ، بالضَّادِ والصَّادِ المُهْمَلَةِ: إِذَا غَسَلَهُ، حَكَى ذلِكَ يَعْقُوْبُ (٣)، ويَقَالُ: تَمَضْمَضَ النَّوْمُ في عَينَيهِ: إِذَا بَدَا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ، قَال الرَّاجِزُ (٤):

وَصَاحِبٍ نَبَّهْتُهُ لِيَنْهَضَا

إِذِ الكَرَي فِي عَينِهِ تَمَضمَضَا


(١) ديوانه (٢٤٦). العَلاجِيمُ: هي الضَّفَادِعُ، وَاحِدُهَا عُلْجُوْمٌ. وصُبَاحٌ -بِضَمِّ الصَّادِ-: رَجُلٌ من بَنِي ضَبَّةَ. وابْنا صُباح: صَائِدَانِ.
(٢) في (س): "الاسْتِنْشَاقُ غيرُ الاسْتِنْثَارِ".
(٣) تهذيب الألفاظ (٦٢٨)، وإِصْلَاح المَنطق (٣٨٩).
(٤) البَيتَانِ الأوَّلَانِ في اللِّسان (مَضْمَضَ)، ويُراجع: نوادر أبي زيد (٤٦٦)، وجمهرة اللُّغة (١/ ٢١٢)، والمُخَصَّص (١٠/ ١٥٨)، وَمَقَايِيس اللُّغة (١/ ٨١)، والصِّحاح، والتَّاج (مضمض). ويُنْسَبَانِ إلى الرَّكاضِ الدُّبَيرِيِّ، أو لِرَجُلٍ من بني سَعْدٍ.