للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الدِّينِ كَمَا قَال إِبْرَاهِيمُ (١): {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}، هو وَكَمَا قَال يُوْسُفُ (٢): {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا [وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ]} (٣)، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْويلِ قَولُهُ [- صلى الله عليه وسلم -]: "يَا مُقَلِّبَ القُلُوْبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى طَاعَتِكَ".

وَالوَجْهُ الآخَرُ (٤): أَنَّ العَرَبَ قَدْ تُشَبِّهُ "إِنْ" الَّتِي لِلْشَّرْطِ بـ "إِذَا" الزَّمَانِيَّةِ كَمَا تُشَبِّهُ "إِذَا " في بَعْضِ المَوَاضِعِ بـ "إِنْ"؛ لِأَنَّ "إِذَا" تُضَارِعُ "إِنْ" في أَنَّها تَحْتَاجُ إِلَى جَوَابٍ، والشَّيئَانِ إِذَا تَضَارَعَا فَقَدْ يُحْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَمِمَّا شُبِّهَتْ فِيهِ "إِنْ " بـ "إِذَا" قَوْلُهُ [تَعَالى] (٥): {إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ (٦):

فَإِنْ لَا يَكُنْ جِسْمِي طَويلًا فَإِنَّنِي ... لَهُ بالفِعَالِ الصَّالِحَاتِ وَصُوْلُ

وَطُوْلُ جِسْمِهِ شَيءٌ قَدْ وُجِدَ وَكَانَ، ولَيسَ مِمَّا يُمْكِنْ أَنْ يَكُوْنَ وَأَنْ لَا يَكُوْنَ فَيَصِحُّ الشَّرْطُ بِه، وإِنَّمَا أَرَادَ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ، وَمِمَّا شُبِّهَتْ فِيهِ "إِذَا" بـ "إِنْ" قَوْلُ


(١) سورة إبراهيم.
(٢) سورة يوسف.
(٣) في (س).
(٤) في الأصل: "العرب".
(٥) سورة الفتح، الآية: ٢٧.
(٦) هو بشرُ بنُ الهُذَيل الفَزَارِيُّ، ورُبَّمَا نُسبت إلى مويال بن جَهْمٍ المَذْحَجِيِّ، وفي مُعجم الشُعراء (٤٧٤): "مُبشر بن الهُذَيل"، وهو من قصيدة جيِّدة أوَّلها:
وَعَاذِلَةٍ هَبَّتْ بِلَيلِ تَلُوْمُنِي ... وَلَمْ يَغْتَمِرْنِي قَبْل ذَاكَ عَذُوْلُ
تَقُوْلُ اتَّئِدْ لَا يَدْعُكَ النَّاسُ مُمْلِقًا ... وتُزْرِي بمَنْ يابنَ الكِرَامِ تَعُوْلُ
والأبْيَاتُ في شعْر قبيلة بني ذبيان، جَمْع وتَحْقِيق: سلامة عبد الله السُّويديّ (٢٨١) وتخريجها هُنَاك.