للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيها مُبْتَدِعُها الَّذِي ابْتَدَعَها، وَفِي مَعنَى ذلِكَ جَمِيع مَا يَتَعَيَّنُ عَلَى الاحتِيَاطِ في الدِّينِ، وأمَّا البِدعَةُ المَذْمُوْمَةُ فَكُل مَا يُصَادِمُ السُّنَنَ الثَّابِتةَ ويُنَاقِضُها (١)، وَفَي مَعنَاها مَا يُوْقعُ الإشْكَال في الدِّينِ، والتّشويشِ عَلَى المُسْلِمِينَ في أعمَالِهمْ وعَقَائِدِهم كَالكَلامِ في القَدَرِ، وخَلْقِ الأفْعَالِ، وهذِهِ البِدَعُ يَأثمُ مُبْدِعها ويَكُوْنُ عَلَيهِ وزْرُ مَنْ ضَلَّ بِها، وَفِي مِثْلِ هذَا يَقُولُ الشَّاعِرُ (٢):

وَخَيرُ أُمُوْرِ النَّاسِ مَا كَانَ سُنَّةٌ ... وَشَرُّ الأمورِ المُحدَثَاتُ البَدَائِعُ

وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عليه السلام -: "ألَا إِنَّ كُلَّ محدَثَةٍ بدعَةٌ، وكُلَّ بِدعَةٍ ضَلالةٌ".

- وَقَوْلُهُ: "يقْرأ بالمِئِينِ" [٤]. القُرآنُ على أَربَعَةِ أَقْسَامٍ:

- السَّبع الطِّوَالُ، وَهِيَ مِنَ البَقَرَةِ إِلَى بَرَاءَةَ؛ لأنَّهم كَانُوا يَقْرَؤُوْنَ بَرَاءَةَ والأنْفَال سُوْرَةً وَاحِدَةً.


= ما ذكره من سُنَنِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّين. وقوله: "نِعمَتِ البِدعَةُ" من بَابِ مَجَاراة المُتكلِّمِ وَحِكَايَةِ قَوْلهِ، كَقَوْلهِ تَعَالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ... } وَقَوْلِ عَمرِو بن كُلْثومَ [ديوانه: ٧٨]:
أَلا لا يَجْهلَنْ أَحَدٌ عَلَينَا ... فَنَجْهلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا
والعَرَبُ تَسْتَعمل مثل هذا الأسلوب، وهو ضَرب من تصَرّفِها في القَوْلِ لَا يَخْفَى معنَاهُ عَلَى المُخَاطَبِ اللبِيبِ.
(١) مَا خَالفَ السُّنَنَ ونَاقضها لا يُسمَّى بدعة؛ وإنَّمَا مُخَالفَةٌ ظاهرةٌ. والبِدعَةُ: الدَّعوة إلى عِبَادَة يتقَرَّبُ بِها إلى اللهِ لم يَرِد بها نَصٌّ صَرِيحٌ من كِتَابِ الله، ولا أثرٌ صَحِيحٌ من السنة المُطهَّرَةِ، أوْ أَجْمَعَ عليه عُلَمَاء الإسْلامِ، أَوْ قَاسوه وارتَضَوْه، وهذه هي مَصَادِر التَّشْريع، وما عَدَاها ابْتِدَاعٌ في الدِّين، ومخَالفة لهدي سيد المُرسَلِين، وليس فِيها مَحمُوْدٌ ومَذْمُوْم.
(٢) هذَا البَيتُ يُنسب إلى الإمام مَالكٍ -رضي الله تَعَالى عَنْهُ-.