للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُضَافَ وأَقَامَ المُضَافَ إِلَيهِ مَقَامَهُ، دَلِيلُ ذلِكَ قَوْلُهُ فِي الجَوَابِ: "خَمْسُ صَلَواتٍ" وَلَيسَ هَذَا جَوَابُ مَنْ قَال مَا الإسْلامُ؟ إِنَّمَا هُوَ جَوابُ مَنْ قَال: مَا فَرَائِضُ الإسْلامِ؟ .

ويُرْوَى: "إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ" بِتَخْفِيفِ الطَّاءِ وَ"تَطَّوَّعَ" بتَشْدِيدِهَا، والأَصْلُ: تَتَطَوَّعُ. فَمَنْ خَفَّفَ حَذَفَ إِحْدَى التَّاءَينِ، ومَنْ شَدَّدَ ادْغَمَ التَّاءَ في الطَّاءِ، وَمِنْهُ [قَوْلُهُ تَعَالى] (١): {الْمُطَّوّعِينَ} وأَصْلُهُ: المُتَطَوِّعِينَ.

- وَقَوْلُهُ: "أفْلَحَ": فَازَ بِالبَقَاءِ.

- قَوْلُهُ: "قَافِيَةُ الرَّأسِ" [٩٥]: مُؤَخِّرَهُ، سُمِّيَتْ بِذلِكَ؛ لأنَّها تَقْفُو الإنْسَانَ، أي: تَتْبَعُهُ، وَمِنْهُ قَافِيَةُ الشِّعْرِ؛ لأنَّهَا آخِرُ البَيتِ. وأَكْثَرُ العُلَمَاءِ يَتَحَاشَى الكَلامَ في هَذَا الحَدِيثِ، ويَرَى التَّسْلِيمَ لَهُ، ومَجَازُهُ في كَلامِ العَرَبِ أَنَّ العَرَبَ تُسَمِّي الحَبْسَ عَنِ الأمْرِ وَالالْتِوَاءَ تَعْقِيدًا، وكُلُّ شَيءٍ لَوَيتَهُ وخَلَطْتَهُ فَقَدْ عَقَدْتَهُ، وَمِنه عُقَدُ السَّاحِرِ لِمَنْ يَسْحَرَهُ إِنَّمَا هُوَ تَحْبِيسُهُ إِيَّاهُ، وصَرْفُهُ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ، وَمِنْهُ تَعْقِيدُ الأيمَانِ، إِنَّمَا هُوَ تَأْكِيدُهَا حَتَّى لَا يَجِدُ الحَالِفُ مِنْهَا مَخْرَجًا إِلَّا بِالكَفَّارةِ. فَمَعْنَى قَوْلهِ: يَعْقِدُ الشَّيطَانُ أَي: يُثَبِّطُهُ ويَحْبِسُهُ، وخَصَّ الثَّلاثَ؛ لأنَّه يَعْقِدُهُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَعَنِ الوَضُوْءِ، وَعَنِ الصَّلاةِ؛ وَلأنَّ الثَّلاثَ تُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا في تأْكِيدِ الشَّيءِ وإِثْبَاتِهِ؛ وخَصَّ مُؤَخِّرِ الرَّأْسِ؛ لأنَّه يَكُوْنُ مَوْضِعَ الفِكْرِ وفي [ ... ] (٢) يَكُوْنُ [ ... ] (٢) النِّسْيَان؛ لِأَنَّ الدِّمَاغَ -فِيمَا ذَكَرَ الحُكَمَاءُ-


(١) سورة التوبة، الآية: ٧٩: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}.
(٢) بياض بقدر كلمة في كل موضع منهما.