للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَكُوْنَ جَنَازَةً ... عَلَيكِ وَمَنْ يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ

- وَقَوْلُهُ: "والخُلَفَاءُ هَلُمَّ جَرَّا". مَنْ نَصَبَ "الخُلَفَاءَ" عَطَفَهُمْ عَلَى الأسْمَاءِ المُتَقَدَّمَةِ المَنْصُوْبَةِ (١)، ومَنْ رَفَعُهُمْ عَطَفَهُمْ عَلَى الضَّمِيرِ في "يُمْشُوْنَ" ويَجُوْزُ عَطْفُهُمْ عَلَى مَوْضِعِ الأَسْمَاءِ المَنْصُوْبَةِ؛ لِأنَّهَا مَرْفُوْعَةُ المَوْضِعِ، وَفِي جَوَازِ ذلِكَ خِلَافٌ.

- وَ"هَلُمَّ" بِمَعْنَى أَقْبِلْ. الجَرُّ: سَيرٌ لَيِّنٌ تَتَمَشَّى بِهِ الإبِلُ وهي تَرْعَى، وَهِيَ مَنْصُوْبَةٌ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ؛ لِأنَّها مَصْدَرٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَ الحَالِ، كَأَنَّه قَال: هَلُمَّ جَارِّينَ، كَمَا قَال: جَاءَ زَيدٌ مَشْيًا، أَي: مَاشِيًا. والكُوفيُّونَ يَجْعَلُوْنَهُ مَصْدَرًا مَحْمُولًا عَلَى المَعْنَى؛ لأنَّه في مَعْنَى هَلُمَّ جُرُّوا، فَكَأَنَّهُ قَال: جُرُّوا جَرًّا، كَمَا يُقَالُ: قَعَدَ زَيدٌ جُلُوْسًا؛ لِأَنَّ قَعَدَ بِمَعْنَى جَلَسَ. وَزَعَمَ بَعْضُهُم: أَنّه مَنْصُوْبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وهَذَا خَطَأٌ لَا وَجْهَ لَهُ، فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ.

وَمَعْنَى الحَدِيثِ: أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْرُ الخلَفَاءِ يَتَوَالى ويَنْجَرُّ عَلَى تَقَدُّمِ


= (١٣/ ١٣٠)، والخِزَانَة (١/ ٢٠٩). والبيت من أبيات رواها الأصْمَعِيُّ في الأَصْمَعِيَّاتِ (١٤٦) ... وغيرها أولها:
أَرَى أُمَّ صَخْر مَا تَجِفُّ دُمُوْعُهَا ... وَمَلَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي
وَمَا كُنْتُ أخْشَى أَنْ أَكُوْنَ ... ..................................
فَأَيُّ امْرئٍ سَاوَى بِأُمٍّ حَلِيلَةً ... فَلَا عَاشَ إلَّا في شَقًا وَهَوَانِ
أَهَمُّ بِأَمْرِ الحَزْمِ لَوْ أَسْتَطِيعُهُ ... وَقَدْ حِيلَ بَينَ العِيرِ وَالنَّزَوَانِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَيقَظَتُ مَنْ كَانَ نَائِمًا ... وأسْمَعْتُ مَنْ كَانَتْ لَهُ أُذُنَانِ
(١) الزَّاهر (١/ ٤٧٦).