للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّجَاشِي المَذْكُوْرِ في الكِتَابِ: أَصْحَمَةُ، وهو بالعربيَّة عَطِيّةُ (١) [الصَّنَمِ]. ويُقَالُ: نَعَيتُ المَيِّتَ أَنْعَاهُ نَعْيًا وَنَعَيَانًا: إذَا أَشْهَرْتَ مَوْتَهُ وأَعْلَمْتَ بِهِ.

- قَوْلُهُ: "فَأُخرِجَ بِجِنَازَتهَا" [١٥]. كَذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ، وَكَانَ الوَجْهُ: "فَخُرِجَ" (٢)؛ لأنَّ النَّحْويِّينَ لا يُجِيزُوْنَ اجْتِمَاعَ الهَمْزَةِ والبَاءِ في نَقْلِ الفِعْلِ. فَلَا يَجُوْزُ عِنْدَهُمْ مَا رُويَ مِنْ قِرَاءَةِ أَبِي جَعْفَرٍ المَدَنِيُّ (٣): {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بِالأبْصَارِ} بَضَمِّ اليَاءِ، وَلَمْ يُجيزُوهَا إلَّا عَلَى زِيَادَةِ البَاءِ كَزِيَادَتِهَا في قَوْلهِ [تَعَالى] (٤): {وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: "فأَخْرِجَ بِجَنَازَتَها".

ويَجُوزُ فِيه وَجُهٌ آخرُ: وَهُوَ أَنْ يَكُوْنَ المَفْعُوْلُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مُضْمَرًا في "أُخْرِجَ" كَأَنَّهُ قَال: فَأُخْرِجَ النَّاسُ أَوْ النَّعْشُ بِجِنَازَتهَا عَلَى أَنْ يُرَادَ بالجَنَازَةِ: الجُثَّةُ.

قَوْلُهُ: "فَلَمَّا أصْبَحَ رَسُوْلُ الله [- صلى الله عليه وسلم -] ". "أَصْبَحَ" هُنَا تَامَّةٌ، لَا خَبرَ لَهَا؛ لأنَّ مَعْنَاهَا دَخَلَ في الصَّبَاحِ، كَمَا يُقَالُ: أَمْسَى القَوْمُ: إِذَا دَخَلُوا في المَسَاءِ،


(١) قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في الإصابة (١/ ٢٠٥): "أصحمة بن أبحر النَّجاشِي ملك الحبشة، واسمه بالعربيَّة: عَطِيَّةُ الصَّنَم، والنَّجَاشِيُّ لَقَبٌ لَهُ". ويُراجع: قصد السَّبيل (١/ ١٩٣).
(٢) هَذَا هو المُثبتُ في "الموَطَّأ" رواية يَحْيَى.
(٣) سورة النُّور، الآية: ٤٣، قراءة أبي جَعْفَرٍ في معاني القرآن للفَرَّاءِ (٢/ ٢٥٧)، والمُحتسب لابن جني (٢/ ١١٤)، وتفسير القرطبي (١٢/ ٢٩٠)، والبحر المحيط (٦/ ٤٦٥)، قال الزَّجاج في المعاني (٤/ ٥٠): "وقرأ أبو جَعْفَرٍ المَدَنِيُّ: "يُذْهِبُ بالأبْصَارِ" وَلَمْ تقْرَأ بِهَا غَيرُهُ، وَوَجْهُهَا في العَرِبِيَّةِ ضَعِيفٌ؛ لأنَّ كَلَامَ العَرَبِ ذَهَبْتُ بِهِ وأَذْهَبْتُهُ ... " وأَدْرَجَ بَعْضُهُم مَعه شَيبَةَ والله أعلمِ.
(٤) سورة النِّسَاء.